قمت هذا الأسبوع بزيارة المخيمات في شرق تشاد لمشاهدة الظروف المعيشية للاجئين السودانيين.
لقد عملت في المجال الإنساني في بلدان عديدة حول العالم، لكن ما رأيته في تشاد خلال هذه الأزمة صدمني بشدة. مع هذا النزوح السريع والواسع لأناس فارين من العنف المروع، فإن الحجم الهائل لعدد الأشخاص الذين لجأوا إلى هنا وسماع قصصهم وما جعلهم يفرون أمر بالغ الصعوبة على القلب. كما يعتمد العديد من الأشخاص الذين لجأوا إلى الصحراء على المساعدات الإنسانية، وهي غير كافية ومتقطعة. وﻻ يمكن لهذا الوضع أن يستمر.
وعلى الرغم من الجهود الدؤوبة للمنظمات الإنسانية وبوادر الترحيب من المجتمعات المضيفة وحكومة تشاد، فإن الوضع قريب من الكارثة، من عدم كفاية الوصول إلى الغذاء والماء والمأوى إلى المخاوف بشأن النظافة الصحية الملائمة، يعدّ الوضع كفاحًا يوميًا لأولئك الذين تركوا كل شيء تقريبًا وراءهم. ويعيش نحو 150,000 شخص في مخيم العبور في أدري والمناطق المحيطة به، ويتدبرون أمورهم من أسبوع لآخر، ضمن ظروف معيشة محفوفة بالمخاطر.
شهاداتهم فظائع لا توصف على غرار مقتل أفراد من الأسرة، وتعرّض النساء لأفعال شنيعة من الاختطاف والعنف الجنسي، وتحول المنازل إلى رماد.ستيفن كورنيش، المدير العام لأطباء بلا حدود
تجري عملية التوزيع المحدود للأغذية بشكل غير منتظم وعادة ما تكفي الكميات الموزعة لأسبوعين أو نحو ذلك لا غير. وعلاوة على ذلك، لا يتلقى الجميع هذه التوزيعات. في أدري، يوجد مرحاض واحد لكل 300 إلى 400 شخص، أي أدنى بكثير من المعايير الموصى بها. وعلى الرغم من الجهود الهائلة التي تبذلها منظمة أطباء بلا حدود وشركاؤها المحليون، والتي توفر نصف مليون لتر من المياه يوميًا، لا يحصل اللاجئون سوى على ستة إلى ثمانية لترات يوميًا. وليس لدى الناس ما يكفي من الماء للاستحمام والتنظيف والطهي، كما أنّهم يفتقرون إلى العلب المناسبة ليتمكنوا من جلب الماء وتخزينه بشكل صحيح.
لقد شهدنا نسبة عالية جدًا من سوء التغذية، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من الأشخاص الذين يعانون من الإسهال والملاريا. وعلمتُ من الأطباء هنا هذا الأسبوع، أن عدد حالات الملاريا انخفض لكن المرض لا يزال واسع الانتشار.
يتمثل دورنا الآن في ضمان توفير ما يكفي من المساعدة مع الشركاء الآخرين في الفترة القادمة حتى لا ينتهي بنا المطاف في وضع كارثي آخر بعد عدة أشهر. وإذ يمكن للناس اليوم البقاء على قيد الحياة خلال الشهرين المقبلين، لكن ماذا سيحدث بعد ذلك؟
تتواجد العديد من المنظمات هنا على الأرض، لكنها لا تملك الموارد المالية لتلبية احتياجات الناس. لذلك، نحن بحاجة إلى حكومات. نحن بحاجة إلى البلدان المانحة لمساعدة المنظمات على تعزيز الاستجابة وتلبية الاحتياجات الطارئة، من المأوى إلى الماء إلى الغذاء.
إنّ الأشخاص الذين يعانون من هذه الأزمة هم في الغالب من النساء والأطفال، في حين أن الكثيرين هم أيضًا ضحايا للعنف واسع النطاق. وتروي شهاداتهم فظائع لا توصف على غرار مقتل أفراد من الأسرة، وتعرّض النساء لأفعال شنيعة من الاختطاف والعنف الجنسي، وتحول المنازل إلى رماد. وطموحهم الوحيد هو العثور على ملاذ آمن في تشاد وأن يتمكنوا من العيش في ظروف لائقة وكريمة.
هؤلاء الناس الذين لجأوا إلى الصحراء، لا يمكنهم مواجهة هذه المحنة بمفردهم. لا يمكن تجاهل هذه الأزمة ونسيانها مع ما يُنسى من أزمات.. هناك حاجة ماسة إلى تعهدات إنسانية قوية ومستدامة وتكثيف عاجل لجهود الإغاثة على الأرض لتجنب أزمة كارثية وأسىً على نطاق واسع في الأشهر القادمة.