Skip to main content
General - Tales of Women at Sea

حكايا النساء في البحر

على الرغم من أنّ جميع الأشخاص الذين يعبرون البحر، سواء للهرب من المخاطر أو التماس حياة أفضل، في وضع خطر وحساس، تحمل النساء أعباءً إضافية بفعل التمييز الجندري والعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي يتعرضن إليه غالبًا خلال رحلاتهنّ.

على متن سفينة أطباء بلا حدود للبحث والإنقاذ جيو بارنتس، في وسط البحر الأبيض المتوسط، تروي الناجيات أنهن تركن بيوتهن بفعل ممارسات عدة كالزواج القسري وتعرّضهن أو تعرّض بناتهن لتشويه الأعضاء التناسلية، كما تبلّغ نساء كثيرات عن التعرض لشتى أنواع العنف، كالعنف النفسي والجنسي والإجبار على ممارسة الدعارة. 

تعدّ التجارب التي تسردها الناجيات أدناه شائعة بين صفوف الناجين والناجيات على متن سفينة جيو بارنتس. وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة، ننشر بعضًا من حكايات النساء في البحر لإعلاء أصوات الناجيات.

حكايا النساء في البحر
القابلة القانونية في أطباء بلا حدود كيرا (اليسار) والاختصاصية النفسية غرازيانا (الوسط) تتحدثان إلى جوليا* خلال استشارة طبية. تبلغ جوليا من العمر 20 عامًا، وكانت قد فرت من إرتريا هربًا من النظام الدكتاتوري القمعي في بلادها. وسط البحر الابيض المتوسط، في يناير/كانون الثاني 2023.  *تم تغيير الاسم حفاظًا على الخصوصية
Nyancho NwaNri

سارة، 25 عامًا، من تيغراي في إثيوبيا

عندما اندلعت أعمال العنف في تيغراي منذ عامين، تعرضت بلدة سارة للقصف بينما كانت في العمل، فهربت إلى السودان لتنجو بحياتها. 

"شهدت مقتل الكثير من الناس خلال الاعتداء، فلذت بالفرار. لم أملك الوقت الكافي لأفهم ما يجري حولي أو لأجمع مقتنياتي. كان ابني في البلدة أثناء الاعتداء مع بقية أفراد عائلتي. لم أستطع اصطحابه معي حتى. يبلغ من العمر ثماني سنوات الآن وتحدثت معه لمرة واحدة خلال عامٍ تقريبًا. 

أعرف أن بعض الأقرباء يعتنون به، ولكن لا يمرّ يوم واحد من دون أن أفكّر به. أنا قلقة عليه، فلا أعرف شيئًا عن أحواله أو عما يفعله الآن.

ذهبت إلى الخرطوم في السودان لأعمل وأدخر بعض النقود وأرسلها إلى ابني، ولكنني عملت بشكل غير قانوني في البلد. خفت من أن يُقبض عليّ وأُسجن على غرار كثيرين مثلي.

احتُجزت لشهرين ولم يُطلق سراحي إلا بعدما دفعت الفدية. أنفقتُ جميع النقود التي جمعتها خلال عملي في الخرطوم. سارة، 25 عامًا، من تيغراي في إثيوبيا

وبعد بضعة أشهر، ساعدني صديقي في الذهاب إلى ليبيا. سافرت مع مجموعة أشخاص لم أكن أعرف أيًا منهم. لقد كنت وحيدة. أمضينا خمسة أيام في الصحراء. وبعد دخول ليبيا، أُخذنا إلى أحد السجون. 

لم يرتدِ أيٌ من الحراس زي الشرطة، لكنهم كانوا مدججين بالسلاح. كانوا يضربون الرجال كل يوم. ولم يكفِ الطعام للجميع. احتُجزت لشهرين ولم يُطلق سراحي إلا بعدما دفعت الفدية. أنفقتُ جميع النقود التي جمعتها خلال عملي في الخرطوم.

نُقلنا بعد ذلك إلى موقع آخر، حيث احتجزت لعشرة أشهر. كانوا يضربوننا لكنهم أبقونا على قيد الحياة كي يبتزّونا بالمال. أُطلق سراحي بعد فترة لأنني لم أتمكن من دفع فدية أخرى. وصلتُ إلى الساحل بعد بضعة أيام وركبت قاربًا مطاطيًا برفقة الكثير من الناس لعبور البحر. وهو القارب نفسه الذي وجدتموني على متنه".

حكايا النساء في البحر
الناجيات بينتو وديكريتشيل وساليمانو تشاركن في جلسة توعية صحية حول العنف ضد النساء تديرها اختصاصية نفسية في أطباء بلا حدود على متن سفينة جيو بارنتس. وسط البحر الابيض المتوسط، في ديسمبر/كانون الأول 2022. 
Mahka Eslami

بينتو، 42 عامًا، من ساحل العاج

بينتو أم لأربعة أطفال قررت ترك منزلها بعد وفاة زوجها، إذ حاولت عائلته أخذ أطفالها وإجبار ابنتها الكبرى ميريام على الزواج. فتوجهت مع ابنتيها إلى ليبيا تاركةً طفليها الصغيرين وراءها.

عندما دخلن ليبيا، أُلقي القبض عليهنّ وأُخذن إلى السجن. وتوضح بينتو في هذا الصدد، "نظرًا لغياب الحكومة في ليبيا، يعدّ الجميع رجال شرطة. حتى عند الاعتقال، لا تعرف من هم رجال الشرطة الحقيقيون. أمسكوا بنا ووضعونا في كوخ صغير. كنا رجالًا ونساءً وأطفالًا في المكان ذاته، فكان وضعًا في غاية الصعوبة. كسر بعض الشباب الباب وتمكنا من الهروب".

بعد الهروب من السجن، عملت بينتو مع ابنتيها في منزل أحد الرجال، رغم أنه لم يدفع لهن أية نقود. عَلِم أنهم يسعون إلى عبور البحر. وذات يوم، أخذهن إلى قارب ينتظرهن على الشاطئ، وكانت تلك محاولتهن الأولى لعبور البحر.

لم ترَ بينتو طفليها الصغيرين منذ عامين، أي منذ غادرت ساحل العاج. وتقول، "أريد أن يكبر أطفالي وأن يصبح لهم شأن. عندما كنت طفلة، مررت بظروف صعبة. كانت أمي ضريرة وأنجبتْ 15 طفلًا عاش منهم ثلاثة فقط. أنا البنت الوحيدة. أُجبرت على الزواج ولم أذهب إلى المدرسة. أريد لأطفالي أن يذهبوا إلى المدرسة. لا أريدهم أن يتزوجوا قسرًا كما فعلت، فلا أرغب لبناتي أن يعشن ما عشته أنا".

بينتو، 42 عامًا، من ساحل العاج "أُجبرت على الزواج ولم أذهب إلى المدرسة. أريد لأطفالي أن يذهبوا إلى المدرسة. لا أريدهم أن يتزوجوا قسرًا كما فعلت، فلا أرغب لبناتي أن يعشن ما عشته أنا".
حكايا النساء في البحر

كرستيل، 36 عامًا، من الكاميرون

كريستيل أم لثلاثة أطفال. تركت زوجًا معنِّفًا ووجدت لنفسها عملًا ضمن مشروع صغير لبيع الموز. ذات يوم، وهي في طريقها إلى العمل بين ماروا وكوسيري شمال الكاميرون، خطفها مسلحون من بوكو حرام وعبروا بها الحدود إلى نيجيريا. ساعدتها امرأة التقت بها، فتمكنت من الهرب وإكمال طريقها إلى مدينة مايدوغوري شمال شرق نيجيريا، حيث مكثت مع امرأة أخرى ووجدت عملًا في مطعم.

بعد ستة أشهر، ادّخرت ما يكفي من المال لتغادر إلى ليبيا مع مجموعة من الأشخاص. وخلال العبور من الجزائر إلى ليبيا، وقعت ضحية للعنف الجنسي. عندما وصلت إلى ليبيا، أُخذت إلى السجن مباشرة.

وتشرح في هذا الصدد، "على الحدود الليبية وخلال الليل، اغتصبنا الأدلّاء. تعرضنا كذلك لإطلاق نار وتفرّقنا، ثم وجدنا أنفسنا مع طفلين لا يتحدثان الفرنسية ومن دون أمهما التي اختفت. أمضينا ثلاثة أيام نبحث عن الأم قبل أن نغادر ونترك الطفلين وحدهما. من كان ليستطيع الاعتناء بطفلين لا يعرفهما؟ أما المعاناة الناجمة عن مكوثنا في ليبيا، فبدأت منذ أن وطأت أقدامنا البلد.

أما المعاناة الناجمة عن مكوثنا في ليبيا، فبدأت منذ أن وطأت أقدامنا البلد. عندما وصلنا إلى ليبيا بعد رحلة دامت أسبوعين، أمسكوا بنا وزجونا في السجن. كرستيل، 36 عامًا، من الكاميرون

عندما وصلنا إلى ليبيا بعد رحلة دامت أسبوعين، أمسكوا بنا وزجونا في السجن. لم يكن لدي أي شخص اتصل به لطلب المال لإطلاق سراحي. قرر رجل مساعدتي ودفع لي. بعد ذلك، وقّعت عقد زواج معه لستة شهور. وفي السجن، أدركت أنني حامل لكنني فقدت الطفل، فشعرت بارتياح كبير.

حاولت عبور [البحر الأبيض المتوسط] مرتين. في المرة الأولى، أبحرنا لأقل من 30 دقيقة قبل أن يعتقلنا الليبيون في منتصف الليل ويزجوننا في السجن فورًا. في المرة الثانية، [تمكنا من العبور بأمان]". 

حكايا النساء في البحر

ديكريشيل، 32 عامًا، من الكاميرون

ديكريشيل أم لطفلين. بعد وفاة زوجها الأول في حادث سيارة، أجبرتها العائلة على الزواج من شقيق زوجها السكّير والذي كان يضربها. تعرضت لإجهاضين نتيجة هذا العنف. وعندما حملت للمرة الثالثة، أنجبت طفلة. بعد ستة أشهر من الولادة، أثقلها زوجها ضربًا حتى انتهى بها المطاف في المستشفى.

وبعد فترة وجيزة، فرّت من المنزل مع طفلتها، وقررت المغادرة إلى نيجيريا بتشجيع من أحد أصدقائها، فسافرت إلى النيجر والجزائرمرضت ابنتها في الصحراء وهي في طريقها إلى الجزائر وتوفيت بسبب غياب الأدوية والرعاية الطبية. اضطرت ديكريشيل إلى ترك جثمان ابنتها في الصحراء وواصلت رحلتها إلى الجزائر مع المجموعة. تستذكر أنها شعرت آنذاك "بحزن كبير لا عزاء له".

ديكريشيل، 32 عامًا، من الكاميرون "أريد أن أعيش في مكان آخر كشخص طبيعي. عشت معاناة وإجهادًا هائلين. أريد أن يغمض لي جفن في الليل".
حكايا النساء في البحر

في المرة الأولى التي حاولت فيها ديكريشيل عبور البحر، أُلقي القبض عليها وأُرسلت إلى السجن. أُطلق سراحها مباشرة ووُضعت في سيارة أجرة لتقلها إلى بيت للدعارة، إذ كان متوقعًا منها أن تصبح عاملة جنس. ساعدها بعض أصدقائها الكاميرونيين على الهرب. 

وعلى مدى ستة أشهر، عاشت في مبانٍ خالية وأماكن مفتوحة قريبة من البحر حيث يجمع المهربون المهاجرين، قبل أن تجمع مبلغًا يكفي لمحاولة عبور البحر للمرة الثانية.

"أريد أن أعيش في مكان آخر كشخص طبيعي. عشت معاناة وإجهادًا هائلين. أريد أن يغمض لي جفن في الليل. أردت أن أكون مع طفلتي. تؤلمني فكرة أنني في أمان بعدما أُجبرت على تركها في الصحراء".

المقال التالي
تقرير الأنشطة
مقال رأي 7 يونيو/حزيران 2023