Skip to main content
منزل محترق في مقاطعة لير، جنوب السودان

أطباء بلا حدود تدين بشدة أعمال العنف الأخيرة التي أودت بحياة أحد الموظفين

  • أصيب أحد أعضاء طاقم أطباء بلا حدود بعيار ناري أثناء اندلاع أعمال العنف الأخيرة في مقاطعة لير ما أدى إلى مقتله.
  • خلّف هذا القتال ضحايا كثيرين وأدى إلى نزوح الآلاف من الأشخاص.
  • تدعو أطباء بلا حدود جميع المجموعات المسلحة إلى احترام القانون الإنساني الدولي والتوقف فورًا عن استهداف المدنيين والمرافق الصحية.
     

أدت أعمال العنف الأخيرة في مقاطعة لير في جنوب السودان إلى وفاة عشرات المدنيين ومن بينهم أحد أعضاء طاقم أطباء بلا حدود. ولم تكن هذه الحادثة الأولى التي يُقتل فيها أحد أعضاء فريق أطباء بلا حدود في لير جراء العنف الشديد منذ ديسمبر/كانون الأول 2021.

عمل بيتر ماثور تاب في أطباء بلا حدود في لير منذ عام 2007. فتبوأ منصب مشرف قسم في مستشفى أطباء بلا حدود السابق قبل أن ينتقل إلى العمل كمقدم رعاية تمريضية في أحد مرافق الرعاية الصحية المجتمعية. وخلال القتال في 10 أبريل/نيسان، أصيب بيتر بعيار ناري أودى بحياته، وذلك خارج ساعات العمل. وقد عانى بيتر في صغره من شلل الأطفال الذي خلف له إعاقة، فيضطر إلى استخدام عكاز لكي يتمكن من المشي، ما أثر على قدرته على الهروب عند وصول المعتدين المسلحين إلى المنطقة التي يعيش فيها.

وفي هذا الصدد، تقول رئيسة بعثة أطباء بلا حدود في جنوب السودان، فيديريكا فرانكو، "نشعر بالصدمة والحزن العميق لوفاة زميلنا بيتر، ونتقدم بأحر تعازينا إلى عائلته وأصدقائه. إننا ندين بشدة هذا العنف العشوائي الذي تمارسه الجماعات المسلحة التي قتلت وأصابت الكثير من الاشخاص الأبرياء في لير، من بينهم الفئات الأكثر حاجة على غرار الأطفال وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة".

ركض الجميع باتجاه المستنقع خوفًا على حياته. وتعرض الناس للذبح بمن فيهم الأمهات والأطفال الصغار. نيادنغ*، امرأة مسنة تعيش في أدوك

ومنذ بداية القتال الأخير، استقبلت عيادة أطباء بلا حدود في بلدة لير أكثر من 30 جريحًا أصيبوا بأعيرة نارية بالإضافة إلى الكثير من ضحايا الصدمات على غرار الناجين من العنف الجنسي. ونظرًا لانعدام الأمن، غادرت الكثير من المنظمات الإنسانية لير، وأصبحت عيادة أطباء بلا حدود واحدة من بين مرافق الرعاية الصحية القليلة التي تعمل بكامل طاقتها في المقاطعة بأكملها والمرفق الطبي الوحيد الذي يقدم رعاية الطوارئ المتقدمة.

وتشير التقييمات الأولية إلى حدوث دمار واسع النطاق، لا سيما في أدوك وبيلاني وثونيور وتوشريا حيث قُتل الكثير من الأشخاص وأُضرمت النيران في المنازل ونُهبت الممتلكات. ونتيجة لذلك، أجبر آلاف الأشخاص على الفرار بما في ذلك طواقم أطباء بلا حدود. يخشى النازحون من العودة إلى ديارهم وفقد الكثيرون منهم جميع ممتلكاتهم ولم يتبق لهم الكثير ليعودوا إليه. هذا والتمس الكثير من الأشخاص اللجوء في المستنقعات، ما يزيد من خطر إصابتهم بالأمراض المنقولة بالمياه على غرار الكوليرا والإسهال والملاريا

وتقول نيادنغ*، وهي امرأة مسنة تعيش في أدوك، "كان [المعتدون] يطلقون النار فركض الجميع باتجاه المستنقع خوفًا على حياته. وتعرض الناس للذبح بمن فيهم الأمهات والأطفال الصغار. وعندما خرجنا، كانت المنطقة محترقة. كما كانت المواشي قد أُخذت والممتلكات قد نُهبت".

قرية محترقة في مقاطعة لير، جنوب السودان
خلال أعمال العنف الأخيرة التي شهدتها مقاطعة لير، دمرت المجموعات المسلحة القرى كما أحرقت الممتلكات التي تعود إلى السكان ومنظمات الإغاثة ونهبتها. جنوب السودان، في 17 أبريل/نيسان 2022.

تعد هذه الأوقات صعبة للغاية بالنسبة للناس في لير الذين كانوا قد تعرضوا في السابق لحلقة لامتناهية من العنف ونزحوا عدة مرات. وكانت لير إحدى أكثر المقاطعات تأثرًا خلال الحرب الأهلية التي وقعت في الفترة الممتدة بين عامي 2013 و2018، عندما تسبب القتال القاسي بخسائر فادحة في المجتمع. وقد أدت الموجة الأخيرة من الهجمات على مدى الأشهر القليلة الماضية إلى سقوط المزيد من القتلى وحدوث المزيد من الدمار والنزوح. كما عطلت وصول المساعدات، ما فاقم من تدهور الوضع الإنساني المتردي أساسًا.

ويقول جون*، وهو أحد العاملين في منظمة أطباء بلا حدود وأحد النازحين في لير، "اختبأنا في الأدغال لخمسة أيام وبقي الناس في العراء بدون مأوى. تسبب شح الطعام بمعاناة هائلة. إنّ الوضع مريع. ويحتاج الناس هنا إلى المزيد من الدعم".

علاوة على ذلك، قوض العنف من القدرة على تقديم الخدمات الطبية الحيوية للمجتمعات المتضررة. فمن بين المرافق الصحية المجتمعية الستة التي تديرها أطباء بلا حدود في مقاطعة لير، أصبحت ثلاثة منها خارج الخدمة، إذ تعرض أحد المرافق إلى التدمير جزئيًا وتعرض آخران للنهب خلال الهجمات الأخيرة. وعلى الرغم من ذلك، ما زلنا  نعمل على تقديم  الرعاية الطبية للناس التي تشتد حاجتهم إليها، فما زالت عيادة أطباء بلا حدود في بلدة لير ومرافق الرعاية الصحية المجتمعية الثلاثة المتبقية تعمل. كما بدأت فرقنا بإدارة عيادات متنقلة في مواقع النزوح الرئيسية.

وتضيف فرانكو، "لقد أثر مستوى الأعمال العدوانية التي شهدها الناس والخوف المستمر من التعرض للهجوم وتعرض المرافق الصحية إلى التدمير على نطاق واسع على إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية وعلى السلوكيات المرتبطة بالتماس الرعاية الصحية، إذ أصبح الناس يحجمون عن السفر للبحث عن العلاج. يحتاج آلاف النازحين بشدة إلى المساعدات الإنسانية والرعاية الفورية بشكل عاجل. وعليه، ندعو المجموعات المسلحة إلى احترام القانون الإنساني الدولي والتوقف فورًا عن استهداف المدنيين والمرافق الصحية".

*تم تغيير الأسماء لحماية الهوية

بدأت أطباء بلا حدود العمل في لير، يونيتي، في عام 1989 استجابة لتفشي مرض الكالازار بشكل خطير بين النازحين. وفي عام 1993، أدرج علاج السل ضمن برامج الكالازار. وعقب اندلاع الحرب الاهلية، تعرض مستشفى أطباء بلا حدود في لير للنهب والحرق والتدمير بشكل كامل في عام 2014. أما اليوم، فما زالت أطباء بلا حدود إحدى المنظمات القليلة التي تقدم الرعاية الطبية للمجتمعات في لير، إذ تستجيب فرقنا للنازحين والأشخاص المتضررين من العنف وتقدم خدمات الرعاية الصحية العامة واللامركزية في بلدة لير، ويشمل ذلك الرعاية الطارئة ورعاية التوليد الأساسية في حالات الطوارئ ورعاية حديثي الولادة والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الإجتماعي، فضلًا عن الرعاية الصحية المجتمعية في المواقع التي يصعب الوصول إليها.

المقال التالي
جنوب السودان
تحديث حول مشروع 29 أغسطس/آب 2022