لقي 29 شخصاً من رجال ونساء مصرعهم في البحر الأبيض المتوسط في وقت متأخر من يوم الأمس حيث عثرت عليهم سفينة البحث والإنقاذ بوربون أرغوس التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود، وقد قضوا في قارب مطاطي مكتظ على بعد نحو 26 ميلاً بحرياً من الساحل الليبي. وتم إنقاذ 107 أشخاص من على متن نفس القارب إضافة إلى 139 آخرين من قارب مطاطي آخر قريب منه.
وقال ميشيل تيلارو المنسق الميداني لمنظمة أطباء بلا حدود في سفينة بوربون أرغوس: "عندما وجدنا القارب الأول نقلنا الناجين البالغ عددهم 107 إلى متن السفينة لكننا لم نستطع نقل الجثث التي ظننا أن عددها 11 جثة، لأنه تم استدعاؤنا إلى القيام بعملية إنقاذ طارئة أخرى". وأضاف: "بعد إنقاذ ركاب القارب الثاني البالغ عددهم 139 شخصاً عدنا إلى القارب الأول لنكتشف وجود 25 جثة في قعر القارب لقوا حتفهم ربما بسبب استنشاق الوقود، وكانت جثثهم مخفية تحت مزيج من ماء البحر والوقود. استغرقنا الأمر ثلاث ساعات لانتشال 11 جثة لأن مزيج الوقود والماء كان قوياً للغاية لدرجة أننا لم نرد أن نخاطر بالبقاء فيه لأوقات طويلة. كان الوضع مريعاً".
كان الوقت آخر الليل ولم نشأ أن نؤخر العملية إلى طلوع الشمس، فقامت أطباء بلا حدود بطلب المساعدة من منظمة "سي ووتش" غير الحكومية لانتشال الجثث التي مازالت عالقة في القارب المطاطي. وقد أحضرت "سي ووتش" جثة أخرى إلى مشرحة بوربون أرغوس انتشلتها من حادثة منفصلة، ثم قامت بعدها بانتشال الجثث الـ14.
وكان هنالك 23 شخصاً من بين الذين تم إنقاذهم بحاجة إلى علاج طبي من الحروق الكيميائية، وتم تصنيف 11 منهم من الدرجة الشديدة. واحتاج 7 منهم إلى إجلاء طبي عاجل وكان اثنان منهم في وضع حرج ما استدعى نقلهم بالمروحية للعلاج الطارئ في إيطاليا. وقد أنقذ الفريق الطبي على متن السفينة حياة امرأة شابة حيث وضعوا لها أنبوب تنفس حتى استقرت حالتها قبيل إجلائها. وحال وصول السفينة إلى إيطاليا قدَّم فريق الدعم النفسي الأولي التابع لأطباء بلا حدود على البر الدعم والرعاية النفسية الفورية اللازمة للناجين، ومن بينهم زوج إحدى الضحايا وابنها البالغ من العمر ثمانية أشهر.
وقال ستيفانو أرجينزيانو، مدير عمليات الهجرة في أطباء بلا حدود: "إنها حقاً مأساة، مع ذلك لا يمكننا أن نقول أنه يوم استثنائي نشهده في البحر، فقد كانت الأسابيع الماضية مروعة ولم تتوقف فرق الإنقاذ التابعة لنا وسفن المنظمات أخرى من التقاط أنفاسها وشهدت مصرع عدد أكبر بكثير من الرجال والنساء والأطفال. لقد أصبحت عمليات الإنقاذ البحري تخوض سباقاً في مقبرة بحرية، وقد فاقت الأزمة التي خلقتها سياسات الدول طاقتها حيث باتت تشعر بالعجز عن إنقاذ الأرواح التي تُزهَق". وأضاف: "قريباً سيتم الإعلان عن عام 2016 العام الأكثر فتكاً من حيث رقم الضحايا القياسي الذين لقوا حتفهم في البحر الأبيض المتوسط. كم مأساة أخرى كهذه نحتاج حتى يغير قادة دول الاتحاد الأوروبي أولويتهم الخاطئة المتمثلة بالردع، ويقدِّموا بدائل آمنة عن البحر؟"
في عام 2016، وصل 327,800 شخصاً إلى أوروبا عبر البحر بالقوارب ولقي 3,740 إنساناً حتفهم في البحر بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. ولدى منظمة أطباء بلا حدود فرق على متن ثلاثة سفن في البحر الأبيض المتوسط كما أنقذت أكثر من 17,000 شخص منذ بداية العمليات في شهر أبريل من هذا العام. وتشدد أطباء بلا حدود مجدداً في ظل هذه المأساة على أنه بالرغم من أن عمليات البحث والإنقاذ تؤدي دوراً في إنقاذ الناس، إلا أن تأمين الطرق الآمنة والقانونية هي الطريقة الوحيدة لوضع حدٍ للموت في عرض البحر.