Skip to main content
El Geneina City

البيروقراطية المعيقة وانعدام الأمان يعرقلان الاستجابة الإنسانية في السودان

بورتسودان – مع دخول النزاع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع شهره الثالث، لا يزال العنف متفشيًا والاحتياجات الصحية الهائلة سائدةً في أنحاء السودان، لا سيما في الخرطوم ودارفور.

وبينما تدير أطباء بلا حدود مشاريع طبية عدة في البلاد، تقوّض شدّة القيود البيروقراطية والإدارية المعرقِلة قدرة المنظمة على توسيع نطاق أنشطتها. إذا بقي الوضع على هذا الحال، لن تتمكن أطباء بلا حدود من توفير الرعاية الطبية وإطلاق الاستجابة الإنسانية المناسبة للسكان الذين يحتاجونها بشدة.

وفي هذا الصدد، يوضح منسق الطوارئ في أطباء بلا حدود في السودان، جان نيكولا أرمسترونغ دانجلسير، "يقضي المزيد من السكان حتفهم بينما يتداعى النظام الصحي في البلاد في ظل ثقل الاحتياجات الهائلة. فعندما يتعرّض السكان لمستويات مروعة من العنف، وتُفرض قيود على المنظمات الإنسانية التي تحاول مساعدتهم، تتجلى الاستهانة الشديدة من طرفي النزاع بحياة المدنيين". 

أنشطة أطباء بلا حدود في السودان
يعالج الجراحون في أطباء بلا حدود مريضًا في مستشفى بشائر التعليمي في الخرطوم. في غضون خمسة أسابيع فقط، عالجت فرقنا الجراحية العاملة هناك 1,169 مريضًا، يعاني أكثر من 900 منهم من إصابات بالغة. السودان، في 8 يونيو/حزيران 2023.
MSF

منذ اندلاع النزاع، وسّعت أطباء بلا حدود نطاق مشاريعها أو أعادت توجيهها وأطلقت أنشطة جديدة. فخلال خمسة أسابيع فقط، عالجت فرقها الجراحية في مستشفى البشائر التعليمي في جنوب الخرطوم 1,169 مريضًا، يعاني أكثر من 900 منهم من إصابات بليغة بسبب العنف.

ومنذ بداية القتال، أجرى المستشفى الذي تدعمه أطباء بلا حدود في الفاشر في شمال دارفور أكثر من 600 جراحة للمصابين خلال الحرب والنساء اللواتي يحتجن إلى رعاية توليدية طارئة. إضافة إلى هذه الأنشطة، توفر المنظمة خدمات التغذية والرعاية للأمهات والأطفال، وتدير عيادات متنقلة، وتوفر خدمات طبية وخدمات المياه والصرف الصحي للنازحين.

ورغم أن أطباء بلا حدود تعمل في 11 ولاية، لا يمكن لحجم أنشطتها أن يتكافأ مع احتياجات السكان الهائلة بأي حال من الأحوال.  

وفي هذا السياق، بذلت أطباء بلا حدود جهودًا حثيثة لتزيد أنشطتها، لكنها قوبلت بعراقيل كثيرة من قِبل كلا الطرفين المتحاربين، على الرغم من التزاماتهما العلنية والمتكررة بتسهيل توفير المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الالتزامات المنصوص عليها في إعلان جدة للالتزام بحماية المدنيين في السودان.

عندما يتعرّض السكان لمستويات مروعة من العنف، وتُفرض قيود على المنظمات الإنسانية التي تحاول مساعدتهم، تتجلى الاستهانة الشديدة من طرفي النزاع بحياة المدنيين. جان نيكولا أرمسترونغ دانجلسير، منسق الطوارئ في أطباء بلا حدود في السودان

وفي هذا السياق، بذلت أطباء بلا حدود جهودًا حثيثة لتزيد أنشطتها، لكنها قوبلت بعراقيل كثيرة من قِبل كلا الطرفين المتحاربين، على الرغم من التزاماتهما العلنية والمتكررة بتسهيل توفير المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الالتزامات المنصوص عليها في إعلان جدة للالتزام بحماية المدنيين في السودان.

مُنع أحد فرق أطباء بلا حدود في بورتسودان من التوجه إلى مناطق تشهد احتياجات طبية أكثر إلحاحًا، علمًا أنه يضم عاملين متمرسين في المجال الطبي وحالات الطوارئ. ونظرًا للقيود المفروضة على الحركة، أطلق الفريق أنشطة لتوفير خدمات المياه والصرف الصحي في مخيمات النازحين، كما درّب الطواقم الطبية السودانية للاستجابة للحوادث التي تؤدي إلى إصابات جماعية.

لا يُمكن لهذه الأنشطة التي تجري على نطاق ضيق ولا تُعدّ منقذة للحياة أن تُفضي إلى الآثار المرجوّة، والتي كان يمكن تحقيقها إذا استطاع الفريق الوصول إلى المناطق التي تشهد احتياجات أشد وطأة. فلم يتمكن المسعفون في الفريق من معالجة أي مصاب.

في ما يلي، يصف قائد الفريق الطبي – الطبيب السوداني البريطاني د. جافيد عبد المنعم – المحاولات المختلفة للحصول على تصاريح تتيح للفريق التنقل داخل البلد.

"ما السبب وراء رفض منحنا التصاريح اللازمة للوصول إلى ولايتي الخرطوم ونهر النيل بعد تقديمنا للطلب الأول ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع ثم الخامس ثم السادس ثم السابع، وبعد الحوارات المتكررة مع السلطات الإنسانية وأجهزة الاستخبارات؟ فبعد أسابيع من وصول فريق أطباء بلا حدود الكامل، ما زال زملاؤنا العاملون في المجال الطبي واللوجستي وفي العمليات ينتظرون في بورتسودان".

أنشطة أطباء بلا حدود في السودان
لجأ النازحون جراء القتال إلى داخل الحرم الجامعي للبنات في الجنينة. لا تزال المدينة تعاني من مستويات متصاعدة من النزاع والعنف إذ تشير التقارير الإعلامية إلى ما لا يقل عن 1,000 حالة وفاة منذ أبريل 2023. السودان، في 11 يونيو/حزيران 2023.
MSF

ورغم احتياجات السكان الهائلة والواضحة:

  • في بعض المواقع، عرقلت السلطات مرارًا حركة الطواقم الطبية والإنسانية والإمدادات داخل الولايات وفي ما بينها، كما تأخّر منح التصاريح اللازمة لأطباء بلا حدود أو رُفض أو ألغي أو لم يُحترم ببساطة من دون إبداء أسباب واضحة، رغم تقديم المنظمة جميع الوثائق المطلوبة في الوقت المحدد.
  • حتى عند إصدار التصاريح، لم يسمح رجال الأمن لبعض موظفي أطباء بلا حدود والإمدادات بعبور نقاط التفتيش، وتعرّضت بعض الطواقم للمضايقة أو التهديد أو الاحتجاز.
  • في بعض المواقع، أشارت السلطات إلى أن المرافقة المسلحة خلال نقل الإمدادات مطلوبة، ما حدّ من القدرة على نقلها من دون عوائق ومسّ باستقلالية المنظمات الإنسانية والموظفين وحيادهم.
  • على الرغم من الطلبات المتكررة، تصدر السلطات السودانية عددًا قليلًا جدًا من التأشيرات مقارنة بما تطلبه أطباء بلا حدود لاستقدام عدد كافٍ من الموظفين للاستجابة لاحتياجات الشعب السوداني الهائلة. وفي حين أُصدرت بعض التأشيرات، تبقى العملية غير متسقة ولا يمكن الوثوق بها. في الوقت الحالي، لا يسع أطباء بلا حدود إلا الأمل بحصول موظفيها على التأشيرات بعد التقديم. يصعّب انعدام اليقين التخطيط بأي ثقة لتوسيع نطاق الأنشطة ويعرّض مستقبل الأنشطة الحالية للخطر. يجب وصول موظفين إضافيين لتوسيع نطاق الخدمات الطبية، وضمان تناوب الفرق الطبية التي تعمل على مدار الساعة داخل البلاد وخارجها.

وفي حين لا نعرف إن كانت هذه الإجراءات متعمَّدة لفرض قيود على المساعدات الإنسانية، فالنتيجة ذاتها بالنسبة إلى السكان، إذ تُقوَّض قدرتهم على الوصول إلى الرعاية الصحية وهم في أمس الحاجة إليها.

هذا ويواجه عمل المنظمة الطبي والإنساني عراقيل ملموسة من كلا الطرفين المتحاربين، فقد صودرت إمدادات أطباء بلا حدود ونهبت جماعات مسلحة مرافقها وتعرض موظفوها للضرب والتهديد بشكل عنيف. هذا ويواجه الموظفون السودانيون في المنظمة تهديدات صادمة أثناء النهب، وذلك خلال محاولتهم توفير الرعاية الطبية للمواطنين السودانيين.

خلّف النزاع وانعدام الأمن المنتشر في السودان أوضاعًا بائسة للسودانيين الذين يرزحون تحت وطأة القتال والضربات الجوية والقصف والقتل والعنف الجنسي والإجرام. وفي تشاد، حيث تعالج أطباء بلا حدود الفارين من غرب دارفور، وصف المرضى الوضع في عاصمة الولاية الجنينة بالمزري، مشيرين إلى أن السكان يتعرضون لإطلاق النار ويُقتلون أثناء فرارهم من العنف في المدينة.

في الوقت نفسه، يكافح النظام الصحي في البلاد للاستجابة للاحتياجات الهائلة للنزاع، فضلاً عن الاحتياجات الصحية التي لا تتعلق به مباشرة. تفتقر المرافق الصحية إلى الموظفين والإمدادات وتكاد لا تتمكن من العمل في بعض المناطق. ويصعّب العنف قدرة الناس على الوصول إلى الرعاية الصحية، ما يؤدي إلى تأخر الكثيرين في التوجه إلى مرافق الرعاية الصحية تجنبًا للسفر  الذي يعدّ بالغ الخطورة.

المقال التالي
تشاد
تصريح 22 ديسمبر/كانون الاول 2023