في سبتمبر/أيلول 2018، كانت الممرضة آوا أبو أمادو تعمل في وحدة طب الأطفال التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود في ماغاريا بجنوب النيجر. وتصف آوا هذه التجربة على أنّها الأكثر تحديًا بالنسبة لها كممرضة. فتقول، "كيف تتوقعون مني مغادرة المستشفى في نهاية مناوبتي إذا كان بإمكاني إنقاذ حياة طفل آخر؟ عندما كنا نغادر ليلاً للعودة إلى عائلاتنا، كانت أذهاننا وأفكارنا تبقى مع الأطفال في المستشفى".
خلال تلك الفترة، كان حوالي 850 طفلاً يدخلون إلى وحدة طب الأطفال كل أسبوع، ويعاني معظمهم من الملاريا وسوء التغذية. بالمقارنة، كانت وحدة الأطفال تضمّ 200 سرير فقط. وإذ كان مستشفانا فعلاً لا يتسع للمرضى حتى مع إحضار أسرَّة وموظفين إضافيين، لا بد أنّ بعض الأطفال في المجتمع الذين يعانون من حالات مرضية شديدة لم يحصلوا على الرعاية التي يحتاجونها.
في السنوات الثلاث التالية، ظلت الأرقام مرتفعة خلال موسم ذروة الملاريا وسوء التغذية، لكنها لم تكن شيئًا مقارنة بعام 2018. قد تسأل ما الذي تغير في غضون ثلاث سنوات، الجواب هو الرعاية اللامركزية، انسجامًا مع الاستراتيجية الوطنية للنيجر. كما ساعدت الاستراتيجيات الأخرى مثل تنفيذ الوقاية الكيميائية من الملاريا الموسمية وتوزيع الناموسيات ومعالجة المياه والرش المنزلي على رفع العبء عن المستشفى وتحسين جودة الرعاية.
تُعرف منطقة ماغاريا الريفية، وهي موطن لأكثر من 798,000 نسمة، بثروتها الميائية وحقولها الزراعية الكبيرة. ويشكّل الأطفال دون سن الخامسة نحو 21 في المئة من السكان. تحتوي المنطقة مستشفى واحد تساعد فيه فرقنا في إدارة وحدة طب الأطفال، و76 نقطة صحية أخرى و20 نقطة صحية مدمجة. مع ذلك، وفقًا للإحصاءات السنوية لعام 2018، لم يتمكّن نحو 41.5 في المئة من الناس من الحصول على الرعاية الصحية بشكل منتظم.
وعقب موسم الذروة في عام 2018، بدأنا بتعزيز وجودنا في القرى والبلدات المجاورة، إمّا من خلال دعم المراكز الصحية المحلية، وتعزيز غرف المراقبة وتحقيق الاستقرار، أو عن طريق زيادة العمل المجتمعي على مستوى القرى. كان هدفنا هو تقليل عدد الحالات الشديدة في وحدة علاج الأطفال من خلال استراتيجية تديرها الفرق الطبية والإسعافية واللوجستية بالتعاون مع وزارة الصحة العامة.
التوجّه نحو نهج شمولي
بفضل كل الجهود المبذولة على مستوى المجتمع، انخفض عدد المرضى الذين يعانون من حالات حرجة في وحدة ماغاريا للأطفال، وبالتوازي مع ذلك، تجري المزيد من الاستشارات على مستوى المجتمع المحلي خلال مراحل المرض المبكّرة.
وقد أثبتت هذه الحلول فعاليتها بعد أكثر من عامين على تنفيذها. غير المتابعة المنتظمة والمراقبة الدقيقة والدعم المستمر تعدّ أمورًا أساسية في كل خطوة على طول الطريق. وعلاوة على ذلك، فإن نظام الإحالة والمستشفى الجيد ضروريان لضمان استمرارية الرعاية والحصول على الرعاية الصحية في الحالات الشديدة.
اليوم، حوّلت منظمة أطباء بلا حدود أنشطتها من الاستجابة الطبية الطارئة إلى بناء القدرات والمشاريع التي تركّز على الوقاية، وهي المنظمة الدولية الوحيدة في المنطقة المحيطة بماغاريا. ولا يكمن الحل في الجانب الطبي فقط، بل هو متعدد العوامل. كما يعدّ وجود برامج إنمائية شاملة وإشراك مجموعة من المنظمات الفاعلة المتخصصة في الأمن الغذائي وتعزيز الصحة أمورًا أساسية لكسر دورة سوء تغذية بين الأطفال والملاريا بشكل مستدام.