روما - شهد فريق أطباء بلا حدود المتواجد على متن سفينة الإنقاذ جيو بارنتس حادتثي عنف وقعتا يومي 16 و17 مارس/آذار على يد خفر السواحل الليبي الذي يموله الاتحاد الأوروبي والذي عرّض عمدًا حياة المئات من الناس للخطر وهم يبحثون عن الأمان.
وتدعو منظمة أطباء بلا حدود الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء إلى التعليق الفوري للدعم المالي والمادي الذي يتلقاه خفر السواحل الليبي ووقف هذا التمويل المتعمد لعمليات الإعادة القسرية للناس إلى ليبيا.
وفي هذا الصدد، يقول ممثل عمليات البحث الإنقاذ في أطباء بلا حدود، خوان ماتياس جيل، "يتعمّد الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، وقد أعماها هدف وحيد يتلخص في منع وصول الناس إلى الشواطئ الأوروبية، دعمَ عمليات الصد العنيفة وتكريسَ الممارسات والانتهاكات الشنيعة المعروفة التي تُمارس بحق المهاجرين واللاجئين في ليبيا".
وقد شهدت فرقنا يوم الجمعة 15 مارس/آذار عملية صد نفذها خفر السواحل الليبي الذي يموله الاتحاد الأوروبي. حدث هذا في المياه الدولية، خارج منطقة مسؤوليات خفر السواحل الليبي من دون شك، بل في منطقة البحث والإنقاذ التابعة لمالطا.
ورغم أن أطباء بلا حدود عرضت تقديم المساعدة ونقل الناس إلى مكانٍ آمن، غير أن سلطات مالطا وفرونتكس نسقتا مع سفينة تابعة لخفر السواحل الليبي كانت قد تبرعت بها إيطاليا لاعتراض وإعادة أكثر من 100 شخص إلى ليبيا قسرًا.
وفي اليوم التالي، السبت 16 مارس/آذار، قامت سفينة أخرى تابعة لخفر السواحل الليبي كانت قد تبرعت بها أيضًا الحكومة الإيطالية بممارسة أعمال عدائية لإعاقة عمليات الإنقاذ التي كانت تنفذها أطباء بلا حدود على مدار ساعتين، حيث عرضت حياة 146 شخص منكوب للخطر وقد كانوا على متن قارب خشبي في المياه الدولية.
وكنا قد بدأنا بنقل الناس إلى سفينة جيو بارنتس حين حاول خفر السواحل الليبي وقف عمليات الإنقاذ والصعود عنوةً إلى أحد قوارب الإنقاذ التابعة لنا، إضافة إلى تهديداته المباشرة بالانتقام من طاقم أطباء بلا حدود وبأخذ الجميع إلى ليبيا.
كان الوضع حرجًا حين وصلنا إلى المنطقة، إذ كان القارب قد بدأ يغرق وكان الناس مرعوبين.فرجينيا ميلغو، منسقة مشروع أطباء بلا حدود على متن جيو بارنتس
في الوقت ذاته، كان هناك قارب منكوب آخر مصنوع من الألياف الزجاجية على متنه 75 شخصًا ينجرف هو الآخر على بعد نحو 50 ميلًا بحريًا عن الموقع وكانت المياه تتسرب إليه. ورغم إخطار السلطات الليبية بالوضع وقت الظهيرة والتي كررت بأن هناك دورية في طريقها إلى هناك، إلا أن 10 ساعات مرّت من دون أن يبدأ خفر السواحل الليبي أية عملية إنقاذ.
وفي هذا السياق، تقول منسقة مشروع أطباء بلا حدود على متن سفينة جيو بارنتس، فرجينيا ميلغو، "كان الوضع حرجًا حين وصلنا إلى الموقع، إذ كان القارب قد بدأ يغرق وكان الناس مرعوبين.
وتضيف، "ثم انقلب القارب وسقط نحو 45 شخصًا في المياه. لكننا لحسن الحظ كنا قد وزعنا سترات النجاة على الجميع وكنا قد أجلينا الأطفال الذين كان بعضهم لا يتجاوز من العمر ثلاث سنوات. وكان يمكن للوضع أن يأخذ منحى مأساويًا لو تأخرنا بضع دقائق".
تأتي أحداث عطلة نهاية الأسبوع لتبيّن مرة أخرى وبوضوح نقص قدرات البحث والإنقاذ في منطقة وسط البحر الأبيض المتوسط والتجاهل التام الذي يمارسه الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء بحق حياة الناس.
أنفق الاتحاد الأوروبي وإيطاليا منذ عام 2017 ما لا يقل عن 59 مليون يورو لإمداد خفر السواحل الليبي وتدريبه من أجل وقف وصول الناس إلى أوروبا. وبدلًا من الاستثمار في قدرات بحث وإنقاذ استباقية أو التنسيق مع سفن الإنقاذ التابعة للمنظمات غير الحكومية لنقل الناس إلى مكان آمن، قرّر الاتحاد الأوروبي عمدًا تسهيل عمليات الإعادة القسرية للناس إلى ليبيا، حيث يواجهون عنفًا جسديًا وجنسيًا ويُجبَرون على العمل قسرًا ويتعرضون للاستغلال.
وفي هذا الصدد، يقول جيل، "إلى متى سيواصل قادة الاتحاد الأوروبي تمويلهم النشط لانتهاكات حقوق الإنسان على حدود الاتحاد؟ لا يكفي أن يتوقف فورًا الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء عن كافة أشكال الدعم التي يقدمونها لخفر السواحل الليبي، بل يجب عليهم أيضًا التحقيق في مسؤولية الدول المطلة على ساحل المتوسط، وهي في هذه الحالة مالطا، ووكالة الاتحاد الأوروبي الحدودية فرونتكس، عن عمليات الصد غير القانونية التي تحدث بشكل شبه يومي في وسط البحر الأبيض المتوسط، ثم تحميلها ذنب التواطؤ في انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة هذه".
نفذت فرقنا يوم السبت 16 مارس/آذار 2024 ثلاث عمليات إنقاذ في منطقة وسط البحر الأبيض المتوسط. ففي فترة بعد الظهر، عقب إنقاذ 28 شخصًا من قارب مصنوع من الألياف الزجاجية، أنقذ فريق أطباء بلا حدود 146 شخصًا منكوبًا كانوا على متن قارب خشبي، حين تدخل خفر السواحل الليبي تدخلًا خطيرًا وأخّر إتمام عملية الإنقاذ.
لاحقًا عندما حلّ الليل، أُنقذ 75 شخصًا آخر كانوا على متن قارب مصنوع من الألياف الزجاجية كان قد انقلب وسقط منه حوالي 45 شخصًا في مياه البحر. ويوجد حاليًا ما مجموعه 249 شخصًا بينهم أطفالٌ كثر على متن سفينة جيو بارنتس التي وصلت مؤخرًا إلى ميناء كرارا في شمال إيطاليا، حيث ستُنزِل جميع الأشخاص الذين جرى إنقاذهم إلى برّ الأمان.