في ظل التصعيد في الاشتباكات على الحدود الجنوبية للبنان، أُجبر آلاف السكان على النزوح من بلداتهم الحدودية بحثًا عن ملاذ آمن في مناطق أبعد شمالًا وفي المدن الرئيسية. وفي حين يتبادل حزب الله والقوات الإسرائيلية إطلاق النار منذ بداية الحرب بين إسرائيل وغزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، تصاعدت أعمال العنف خلال الأسابيع الأخيرة مع توجيه القوات الإسرائيلية هجمات عنيفة على المنطقة الحدودية في جنوب لبنان.
يحتاج العديد من النازحين إلى مواد الإغاثة الأساسية وقد نفدت الأدوية من أشخاص آخرين يحتاجونها بانتظام. واستجابةً لهذا الوضع، أرسلت منظمة أطباء بلا حدود الطبية الدولية فرقًا متنقلة لمساعدة النازحين وتزويدهم بالرعاية الصحية.
ويشرح عباس شيت من كفركلا في جنوب لبنان، "يحتاج السكان إلى الأفرشة والملابس والأدوية. تركنا كل ممتلكاتنا عندما اشتد القصف. ولا يمكننا العودة لأخذ وصفاتنا الطبية أو حتى ملابسنا".
جاء التصعيد العسكري ليفاقم أزمة إنسانية مستمرة في لبنان ويزيد من احتياجات السكان صعبة التلبية. فالأزمة الإنسانية في لبنان أتمت عامها الرابع ودفعت بثلثي المواطنين نحو الفقر، فألمّت بقدرتهم على تحمل تكاليف السلع والخدمات الأساسية كالطعام والرعاية الصحية.
يعمل عباس في مجال البناء، ومع عدم توفر أي فرصة عمل في الوقت الحالي، بات عاجزًا عن كسب رزقه وإعالة أسرته. فيوضح، "أعمل في مجال البناء لكنّ كل الأعمال توقفت مع بداية الأزمة الاقتصادية"
تدعم فرق أطباء بلا حدود المتنقلة مركزين صحيين في منطقة النبطية في جنوب لبنان عبر توفير الرعاية للمرضى الذين يعانون من أمراضٍ مزمنة وعبر تقديم الإسعافات النفسية الأولية. وعلى غرار جميع القطاعات في البلد، يعاني نظام الرعاية الصحية من أعباء الأزمة الاقتصادية التي أثقلت كاهله. ففي الجنوب، قد تواجه المراكز الصحية المنهكة أساسًا ضغوطًا متزايدة في حال تفاقمت الاحتياجات الطبية للنازحين.
تركنا كل ممتلكاتنا عندما اشتد القصف. ولا يمكننا العودة لأخذ وصفاتنا الطبية أو حتى ملابسنا.عباس شيت، نازح من كفركلا في جنوب لبنان
وفي هذا السياق، تفيد الدكتورة عايدة حسوني من فريق أطباء بلا حدود المتنقل، "عندما ينزح السكان، يضطرون إلى ترك منازلهم على حين غرّة، فينقطع العلاج الذي يتلقونه لا سيما في حالات الأمراض المزمنة. وفي ظل انعدام اليقين حول موعد عودتهم، نعمل على سد الفجوات عبر توفير رعاية الأمراض المزمنة. يضمن ذلك إكمال الأفراد لعلاجهم حتى يتمكنوا من العودة إلى حياتهم الطبيعية".
منذ شهر أكتوبر/تشرين الثاني، عملت فِرَق أطباء بلا حدود على تمكين عدة مستشفيات ومرافق طبية في لبنان من خلال تخزين عشرة أطنان من الإمدادات الطبية تمهيدًا للاستجابة للحالات الطارئة. هذا ودرّبت فرق أطباء بلا حدود طواقم المستشفيات في أنحاء لبنان على رعاية الإصابات الطارئة وإدارة الإصابات الجماعية بالاستناد إلى خطة الطوارئ التي وضعتها وزارة الصحة العامة وبالتعاون مع شركاء صحيين آخرين. وقد تلقى أكثر من مئة موظف طبي في تسعة مستشفيات تدريبات على مدار ثلاثة أسابيع.