Skip to main content
Libya at the crossroads (drawings)
رسم لريكاردو سانشيز هيرنانديز يصور الأوضاع في ليبيا. يناير/كانون الثاني 2025.
© Ricardo Fernandez Sanchez/MSF

المهاجرون يواجهون العنف والحرمان من الرعاية الصحية في ليبيا

رسم لريكاردو سانشيز هيرنانديز يصور الأوضاع في ليبيا. يناير/كانون الثاني 2025.
© Ricardo Fernandez Sanchez/MSF

قدّرت منظمة الهجرة الدولية عدد المهاجرين واللاجئين في ليبيا بنحو 787,000 شخص خلال عام 2024. وفيما يتوجّه البعض إلى ليبيا بحثًا عن العمل، ينطلق منها آخرون في محاولة لعبور البحر الأبيض المتوسّط إلى أوروبا. يعيش المهاجرون في ليبيا ظروفًا محفوفة بالمخاطر ويتعرّضون لشتى أشكال العنف والإساءة داخل مراكز الاحتجاز وخارجها. وتتلاشى فرص حصولهم على الرعاية الصحية عندما تدعو الحاجة إليها وسط عمليات الاختطاف والابتزاز وممارسات الاتجار بالبشر والاعتداءات والتحرّش الجنسي.

وفي هذا السياق، يقول أحمد*، وهو شاب سوداني اعتُقل وزُجّ بالسجن وهو يحاول العبور إلى تونس، "غبت عن الوعي تحت وطأة الضرب، وعندما استعدت وعيي، كان الضرب لا يزال مستمرًا. شوّهوني تمامًا وفقدت أسناني. أخبرني صديقي سعود إنهم ضربوا رأسي بطوبة".

أحمد*، شاب سوداني تعّرض للاحتجاز غبت عن الوعي تحت وطأة الضرب، وعندما استعدت وعيي، كان الضرب لا يزال مستمرًا.
ليبيا
رسم لريكاردو سانشيز هيرنانديز يصور الأوضاع في ليبيا. يناير 2025.
© Ricardo Fernandez Sanchez/MSF

وفي بلدة زوارة الساحلية التي تبعد نحو مئة كيلومتر عن العاصمة، قدّمت فرق أطباء بلا حدود الرعاية إلى أحمد الذي مكث شهرًا في المستشفى.

ويشرح رئيس برامج أطباء بلا حدود في ليبيا، ستيف بوبريك، "يفتقر الأشخاص الذين لا يحملون الوثائق اللازمة إلى الحماية القانونية أو الدعم من مؤسسات الدولة الهشة في الأساس، ما يحول دون حصولهم على الرعاية الصحية. ويتعرّض الناس للعنف كل يوم. كما نرى ضحايا للاتجار بالبشر، وكيف يتعرّض الناس للتعذيب والاغتصاب".

غياب الحماية والرعاية صحية

تعدّ ليبيا الوجهة الأولى للمهاجرين الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا. وكحال أحمد، يتعرّض المهاجرون واللاجئون الذين لا يحملون الوثائق اللازمة للعنف طوال رحلتهم. فسرعان ما ينتقلون للعيش في مواقع مكتظة وخطيرة تفتقر إلى أدنى مقومات الصحة، كالغرف المشتركة أو الحظائر المهجورة ومواقع البناء أحيانًا، وسط ظروف تعرّضهم للإصابة بالأمراض.

فيديو

ليبيا عند مفترق الطرق

يعيش المهاجرون في ليبيا ظروفًا محفوفة بالمخاطر ويتعرّضون لشتى أشكال العنف والإساءة داخل مراكز الاحتجاز وخارجها. وتتلاشى فرص حصولهم على الرعاية الصحية عندما تدعو الحاجة إليها وسط عمليات الاختطاف والابتزاز وممارسات الاتجار بالبشر والاعتداءات والتحرّش الجنسي.
MSF

وفي هذا الصدد، يوضح نائب المدير الطبي مع أطباء بلا حدود في ليبيا، الدكتور عصام عبد الله، "يعكس الوضع الصحي للناس تردي ظروفهم المعيشية والتعذيب الذي يتعرّضون إليه على حد سواء. ومع غياب أي حماية وفي ظل التحديات التي يواجهونها للحصول على الرعاية الصحية، يتدهور وضع الإصابات والصدمات بصورة متسارعة".

توفّر أطباء بلا حدود الدعم الطبي في مصراتة وطرابلس وزوارة عبر تقديم الرعاية الصحية الأساسية وخدمات الصحة الجنسية والإنجابية والدعم النفسي وخدمات التشخيص والعلاج للسل (الدرن) وحالات العنف الجنسي. أما المصابون بحالات حرجة الذي يحتاجون إلى دخول المستشفى، فيُحالون إلى العاصمة لتلقي العلاج. ومثال على ذلك عملية الفك الذي خضع لها أحمد في مستشفى طرابلس وتكفّلت بها منظمة أطباء بلا حدود نظرًا لعدم توفر أي خيارات أخرى.

في عام 2024، قدّمت فرق أطباء بلا حدود أكثر من 15,000 استشارة. ويُشار إلى أنّ معظم من تلقى الرعاية في مجال الصحة النفسية كان يعاني من اضطراب إجهاد ما بعد الصدمة بسبب العنف الذي يتعرّضون إليه.

كان نيلسون من الكاميرون قد تلقّى الدعم النفسي من قِبل أحد المعالجين النفسيين في أطباء بلا حدود بعد فقدانه لزوجته وطفليه في حادثة غرق القارب الذي ركبوه أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا. 

نيلسون، كاميروني فقد زوجته وطفليه في حادثة غرق قارب في ليبيا، يمكن لمصيرك أن يتغيّر في أي لحظة. فقد تقلب خطوة صغيرة حياتك رأسًا على عقب. يمكن أن تموت، أو تُزجّ في السجن.
ليبيا
رسم لريكاردو سانشيز هيرنانديز يصور الأوضاع في ليبيا. يناير 2025.
© Ricardo Fernandez Sanchez/MSF

ويقول، "في ليبيا، يمكن لمصيرك أن يتغيّر في أي لحظة. فقد تقلب خطوة صغيرة حياتك رأسًا على عقب. يمكن أن تموت، أو تُزجّ في السجن. حتى رحلة بسيطة لشراء الخبز أو زيارة الطبيب يمكن أن تقودك إلى الطريق الخطأ حيث تلتقي بأحد رجال الشرطة. قد لا يلاحظونك إذا حالفك الحظ، أما إذا فعلوا، فسيتم اعتقالك على الفور".

التأخر في الحصول على الرعاية

يعيش الناس في خوف من الاختطاف أو الاعتقال على أيدي الشرطة أو الميليشيات، فيضطرون إلى الاختباء في أماكن معزولة تزيد من تعرّضهم للخطر. ولا يلجؤون إلى الرعاية الطبية إلا كملاذ أخير بعد تدهور حالتهم الصحية بشكل حاد.

خلال عام 2024، قدمت فرق أطباء بلا حدود خدمات التشخيص والعلاج لأكثر من 250 شخصًا مصابين بالسل، إلا أن ستة عشر منهم فارقوا الحياة لعدم تلقيهم العلاج في الوقت المناسب.

ويقول الدكتور عبد الله، "يقصدنا الناس الذين يعانون من السل لتلقي العلاج بعد فوات الأوان، مما يزيد من معدلات الوفيات ويساهم في انتشار المرض بشكل أكبر. تشهد فرقنا أيضًا التداعيات السلبية لعدم استكمال العلاج".

سلمى* أستاذة تبلغ من العمر 37 عامًا وهي متعايشة مع السكري. فرّت من الحرب التي اندلعت في السودان في أبريل/نيسان 2023. وتقول، "يتطلب مرض السكري تناول الوجبات والأدوية بانتظام، وهذا غير ممكن في ليبيا. تدهورت صحتي سريعًا عندما اضطررت إلى مغادرة السودان. لم أعد قادرة على فعل أي شيء. توقّفت عن الطبخ ولم يعد بإمكاني ارتداء ملابسي... صرت أعتمد على بناتي كليًا".

سلمى، امرأة من السودان مصابة بمرض السكري يتطلب مرض السكري تناول الوجبات والأدوية بانتظام، وهذا غير ممكن في ليبيا.
ليبيا
رسم لريكاردو سانشيز هيرنانديز يصور الأوضاع في ليبيا. يناير 2025.
© Ricardo Fernandez Sanchez/MSF

زيادة في عمليات الإجلاء من ليبيا 

يوضح بوبريك، "يعتبر المهاجرون نموذجًا مربحًا ماديًا ترعاه الميليشيات بتواطؤ من الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، بهدف ابتزازهم ماليًا. فيتعيّن عليهم أن يدفعوا المال مقابل عبورهم وإطلاق سراحهم وحتى لمواصلة رحلتهم، مع المخاطرة الدائمة بالوقوع في قبضة الشبكات الإجرامية من جديد".

ويضيف، "لذلك، وبالإضافة إلى توفير الرعاية الصحية في ليبيا، نركز جهودنا أيضًا على إيجاد مسارات آمنة وقانونية لإجلاء الأشخاص من ليبيا، ولا سيما عبر الممر الإنساني الموجود بين ليبيا وإيطاليا. تشارك أطباء بلا حدود في هذا الممر من خلال تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للخطر وأحوجهم إلى الإجلاء وتولي مسؤولية بعضهم في إيطاليا. ومع ذلك، تبرز الحاجة الملحة لتوسيع هذه الخيارات إلى حدّ بعيد".

منذ عام 2021، أتاح هذا الممر الإنساني إجلاء أكثر من 700 شخص، من بينهم نحو 60 مريضًا كانوا تحت رعاية أطباء بلا حدود في ليبيا. لاحقًا، قدّمت فرق أطباء بلا حدود الرعاية إلى 14 شخصًا في باليرمو بصقلية.

وفي أبريل/نيسان 2023، أصدرت الأمم المتحدة تقريرًا يخلص إلى وجود أسباب تدعو للاعتقاد بأن مجموعة واسعة من الجرائم ضد الإنسانية قد ارتُكبت بحق المهاجرين في ليبيا.

*تم تغيير الأسماء لحماية الهوية

المقال التالي
سوريا
تحديث حول مشروع 13 فبراير/شباط 2025