قبل ثلاث سنوات، اكتشف سالومون أنه كان مريضًا جدًا بمرض الكلية. وقد حدث ذلك بعد تعرضه لعضة أفعى في حقل لقصب السكر في بلدية ﻻ غوميرا في إسكوينتلا، في غواتيماﻻ، حيث يحتل الإنتاج الزراعي معظم أراضي المنطقة. واضطر سالومون الذي يبلغ من العمر 54 عامًا، وليس لديه منزل يؤويه ويعيش بجوار مكب للقمامة، إلى التوقف عن العمل حيث أصبحت حالته الصحية أكثر تعقيدًا.
ويقول، "صدقًا لم أستطع التحرك. شعرت بضعف شديد وبمجرد أن وقفت، انثنت ركبتاي وسقطت على الأرض". وعلى مدى أشهر، اعتنت به رفيقته بلانكا إذ إنه لم يعد قادرًا على الاعتناء بنفسه.
صدقًا لم أستطع التحرك. شعرت بضعف شديد وبمجرد أن وقفت، انثنت ركبتاي وسقطت على الأرض.سالومون، 54 عامًا، يعاني من المرحلة الخامسة من مرض الكلى المزمن من أصل غير تقليدي
كان سالومون يضطر للسفر لساعات طويلة على متن حافلة إلى مدينة غواتيمالا برفقة بلانكا لإجراء فحوصاته. وقد أثرت ضغوط السفر على صحته العاطفية واستنفدت ما كان لديه من موارد مالية قليلة.
ويقول سالومون، "يتقاضون منك رسومًا حتى على دخول الحمام هناك. وبما أنني لم أستطع العمل كان علينا أن نبيع كل ما نملك. ليس لدينا حتى أرضية هنا، بل نعيش على هذه القطعة الصغيرة من الأرض التي تغمرها المياه كلما أمطرت وتنتشر فيها رائحة القمامة المتراكمة".
شُخِّصت حالة سالومون، مثل العديد من معارفه وأقاربه، بمرض الكلى المزمن من أصل غير تقليدي في المرحلة الخامسة، وهي المرحلة الأكثر تقدمًا وفقًا للمبادئ التوجيهية الدولية لأمراض الكلى.
يتميز المرض الذي يُعرف أيضًا باسم اعتلال الكلية الوبائي في أمريكا الوسطى، بفقدان تدريجي لوظيفة الكلى مما يؤثر على وظائفها الحيوية على غرار التخلص من الفضلات وتركيز البول.
ووفقًا للاختصاصية في مجال الأنثروبولوجيا الطبية، فريدا روميرو، فإن هذا المرض "يختلف عن أمراض الكلى المزمنة لأنه يؤثر على الشباب الذين ليس لديهم تاريخ من الأمراض المزمنة، والذين يعملون عمومًا في المحاصيل الزراعية، في ظروف جسدية قاسية ودرجات حرارة عالية في بيئات فقيرة".
في مارس/آذار من هذا العام، ونتيجة للحملات الصحية التي تديرها منظمة أطباء بلا حدود لنشر الوعي حول هذا المرض، قرر سالومون الاتصال بفريق أطباء بلا حدود.
ذهب بابلو إيزيبي، وهو مرشد نفسي، لزيارة سالومون في مسكنه المؤقت لتقييم حالته، ومنذ ذلك الحين يقدم له الدعم النفسي العاطفي. ويقول إيزيبي، "في ذلك الوقت، لم يكن سالومون يبدو على ما يرام من الناحيتين الجسدية والعاطفية. أحلناه إلى المركز الصحي، وقمنا بإجراء فحوصات أولية ثم أحلناه إلى المركز الوطني لأمراض الكلى المزمنة بسبب خطورة مرحلة مرضه".
الآن، يخضع سالومون لخطة رعاية ملطِّفة بهدف تحسين صحته العاطفية والجسدية على المدى القصير.
عوائق أمام الرعاية الصحية
وفقاً لسجل غسيل الكلى وزرع الأعضاء في أمريكا اللاتينية، يوجد في غواتيمالا أكبر عدد من مرضى أمراض الكلى في أمريكا اللاتينية. ففي كل عام، يتم تسجيل 162 مريضًا جديدًا يحتاجون إلى غسيل الكلى أو علاج غسيل الكلى، وهناك حاليًا أكثر من 9,000 مريض يخضعون لعلاج بديل لوظائف الكلى في البلاد.
وتعدّ إسكوينتلا، حيث يعيش سالومون، واحدة من المقاطعات التي تشهد أعلى معدل انتشار ومعدل إصابة بأمراض الكلى المزمنة في غواتيمالا. فوفقًا لوزارة الصحة، ارتفعت الوفيات بين عامي 2008 و2015 بنسبة 18 في المئة وارتفعت معدلات الاعتلال بنسبة 75 في المئة.
ونظراً لعدم توفّر خدمات أمراض الكلى المتخصصة أو الرعاية من المستوى الثالث محليًا، يضطر المرضى إلى السفر لمسافات طويلة. وقد تستغرق الرحلة إلى المؤسسات الصحية في المراكز الحضرية للمقاطعات أو في عاصمة غواتيمالا عدة ساعات أو حتى أيامًا وفي أغلب الأحيان يتوجب القيام برحلات إضافية للحصول على الأدوية أو الفحوصات.
كما تحول سلسلة من العقبات دون حصول الناس على الرعاية المناسبة، وينتهي الأمر بالعديد منهم، مثل سالومون، إلى الإرهاق بسبب الإجهاد العاطفي والاقتصادي الذي يسببه لهم.
عام من العمل مع المجتمع
أسسنا أنشطتنا في مقاطعة إسكوينتلا بهدف تطوير نموذج رعاية شامل وبسيط ومستدام وقابل للتكرار يضمن تشخيص المرض والتعامل معه في الوقت المناسب للحد من الاعتلال المرتبط بـمرض الكلى المزمن من أصل غير تقليدي.
كما يعمل فريق متعدد الاختصاصات على تحديد الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض ودعمهم وفقًا لاحتياجاتهم.
وفي هذا الصدد، يقول رئيس بعثة أطباء بلا حدود في غواتيمالا والمكسيك وهندوراس، رود غيرستنهابر، "في البداية، قمنا بتنظيم الفرق الطبية واللوجستية والإدارية والمجتمعية في لا غوميرا، إحدى البلديات الثلاثة التي تنشط فيها أطباء بلا حدود. وفي فبراير/شباط، وقعنا اتفاقية مع وزارة الصحة لبدء استجابتنا بين المجتمعات من أجل تعزيز الوقاية والتشخيص المبكر والعلاج والمراقبة لـمرض الكلى المزمن".
معرفة المرض وتشخيصه
يعدّ المثقِّف الصحي في أطباء بلا حدود، أوليفر سوسا، جزءًا من فريق يتألف من 10 أشخاص يزورون المجتمعات كل أسبوع بهدف دعوة الناس إلى إجراء الفحوصات وتثقيفهم حول المرض وكيفية الوقاية منه واكتشافه.
وفي الساعة الثامنة والنصف صباحًا تبدأ الزيارة بتنظيف اليدين وإجراء حديث توضيحي. بعد ذلك، يحصل الحاضرون على قياس للوزن وضغط الدم، ثم إجراء فحص الدم. في يوم واحد، يمكن لفرقنا رؤية ما بين 40 و60 شخصًا. وتُنقل بعض الفحوصات إلى المختبرات ومن هناك يقوم الفريق الطبي بإحالة الحالات في المرحلتين الرابعة والخامسة إلى المركز الوطني لأمراض الكلى المزمنة.
بين أغسطس/آب 2021 ويونيو/حزيران 2022، أجرت فرقنا 2,376 فحصًا للكشف عن المرض، ووصلت إلى 3,030 شخصًا عبر الأنشطة المجتمعية، في حين حصل أكثر من 106 أشخاص على متابعة متعددة التخصصات في المرحلتين الرابعة والخامسة من المرض.
ونعمل حاليًا على تعزيز قدرة المجتمع على تحديد علامات الخطر والحاجة إلى رعاية طبية شاملة.