Skip to main content
Malnutrition in Zamzam camp, North Darfur

أطباء بلا حدود تحذّر من أزمة غذائية كارثية في مخيم زمزم مع تصاعد العنف في شمال دارفور

  • عالجت منظمة أطباء بلا حدود أكثر من 100 جريح حرب أصيب الكثير منهم بأعيرة نارية بسبب تصاعد العنف في الفاشر في ولاية شمال دارفورفي السودان.
  • ندعو الأطراف المتحاربة إلى ضمان حماية المدنيين ومرافق الرعاية الصحية والفرق الصحية حتى يُتاح تقديم المساعدة الحيوية.
  • مع تفاقم أزمة سوء التغذية في مخيم زمزم، نحث الأمم المتحدة على بذل المزيد من الجهود لمنع تدهور الوضع على نطاق كارثي.

 

استجابةً للقتال المتصاعد في شمال دارفور، عالجت أطباء بلا حدود في الأسبوعين الماضيين أكثر من 100 مصاب من جرحى الحرب في المستشفى الجنوبي في الفاشر، كان بينهم 11 طفلًا، وقد أصيب الكثير منهم بأعيرة نارية.

في الوقت نفسه، تسعى المنظمة إلى توسيع نطاق استجابتها لأزمة سوء التغذية في مخيم زمزم الذي يشهد ترديًا في الأوضاع. تدعو أطباء بلا حدود الأطراف المتحاربة إلى ضمان حماية المدنيين ومرافق الرعاية الصحية والفرق الصحية حتى يُتاح تقديم المساعدة الحيوية بشكل فعال وقبل فوات الأوان لعشرات آلاف الأشخاص الذين تتهدّد حياتهم.

أنشطة أطباء بلا حدود في السودان
مرضى ينتظرون تلقي العلاج في مستشفى الفاشر. السودان، في 1 مايو/أيار 2023.
MSF/Mohamed Gibreel Adam

وفي أعقاب النتائج الصادمة للتقييم السريع الذي أجرته أطباء بلا حدود في مطلع يناير/كانون الثاني حول وضع التغذية ومعدّل الوفيات، أُجريت فحوصات جماعية لأكثر من 63,000 طفل دون سن الخامسة ولنساء حوامل ومرضعات في مارس/آذار وأبريل/نيسان. وأكّدت نتائج الفحوصات أزمة سوء التغذية الكارثية التي تهدّد حياة الناس في مخيم زمزم في شمال دارفور.

وعلى الرغم من إتباع نتائج التقييم بدعوات عاجلة لتقديم الدعم في فبراير/شباط، تبقى أطباء بلا حدود بعد قرابة الثلاثة الأشهر وكالة الإغاثة الدولية الوحيدة التي تستجيب للأزمة الهائلة، وهي بالتالي من قلة المنظمات القادرة على الاستجابة لأحداث الإصابات الجماعية في الفاشر.

ومن بين أكثر من 46,000 طفل فُحصوا، تبينت إصابة نسبة صاعقة تصل إلى 30 في المئة منهم بسوء التغذية الحاد –مع معاناة ثمانية في المئة من سوء التغذية الحاد الشديد. وأفضت فحوصات أكثر من 16,000 امرأة حامل ومرضع إلى نتائج مماثلة، إذ تبينت إصابة 33 في المئة منهن بسوء التغذية الحاد، و10 في المئة بسوء التغذية الحاد الشديد. وسواء بحثنا في نتائج هذه المجموعة أو تلك، نجد أن الأرقام تساوي ضعف عتبة الطوارئ المحددة بـ 15 في المئة، ما يؤكد وجود حالة طوارئ كبيرة تهدد حياة الناس في مخيم زمزم.

 

مع تصاعد القتال، نخشى من أن يؤدي هذا الوضع إلى تقويض وصول الدعم الدولي الذي طالبنا به بإلحاح نظرًا لشدة الحاجة إليه. كلير نيكوليه، رئيسة الاستجابة الطارئة في منظمة أطباء بلا حدود في السودان

وتشرح رئيسة الاستجابة الطارئة لأطباء بلا حدود في السودان، كلير نيكوليه، "يعاني مخيم زمزم من أزمة حادة على نطاق كارثي. الوضع حرج، ومستوى المعاناة هائل، ولكن رغم بقاء الوضع على حاله لنحو ثلاثة أشهر، لم يقم أحدٌ بما يكفي لمساعدة الأشخاص الذين يكافحون للنجاة أو حتى اقترب من ذلك.

وتضيف، "مع تصاعد القتال، نخشى من أن يصعّب الوضع وصول الدعم الدولي الذي طالبنا به نظرًا لشدة الحاجة إليه. ومع اقتراب موسم الجفاف، نخشى من تدهور سريع خلال الأسابيع المقبلة في أزمة سوء التغذية المتردية أساسًا. كان مئات آلاف الناس معرّضين للخطر في الأساس. والآن، ومع القتال الحالي، بات الخطر يتربّص بعدد أكبر بكثير. في هذا السياق، تبرز حاجة ملحة لتعزيز الاستجابة الإنسانية بوتيرة سريعة حتى يُتاح إنقاذ ما يمكن إنقاذه في وجه أزمة سوء التغذية هذه. ولكي يحدث ذلك، من الضروري أن تتخذ الأطراف المتحاربة إجراءات تتيح حماية المدنيين ووصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن".

كانت فرقنا قد وسعت نطاق استجابتها عبر فتح عيادة صحية ثانية، وتسجيل أكثر من 11,000 طفل في برنامجها التغذوي، وفتح مستشفى ميداني يضم 25 سريرًا لعلاج الحالات الأكثر خطورة. في الوقت الحالي، يتلقى 23 مريضًا مقيمًا العلاج، من بينهم 12 شخصًا يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد وأربعة يشتبه في إصابتهم بالحصبة.

هذا وتخطط أطباء بلا حدود إطلاق حملة تطعيم ضد الحصبة وتوسيع أنشطتها لتقديم الدعم للنساء الحوامل. إلا أن ذلك لا يكفي  لتلبية الاحتياجات. ولا تُوفَّر أي رعاية صحية إضافية في المخيم، ولا بد من إعادة توفيرها على وجه السرعة.

سوء التغذية في معسكر زمزم، شمال دارفور
أمهات مع أطفالهن ينتظرن التقييم في عيادة مكتظة تابعة لمنظمة أطباء بلا حدود في مخيم زمزم. السودان، في 15 فبراير/شباط 2024.
Mohamed Zakaria

وتقول نيكوليه، "لا شك في أن تقديم المساعدة الإنسانية في السودان يقترن بتحديات هائلة لكنه يبقى ممكنًا. لقد أعاقت القيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية، بما في ذلك عرقلة الأطراف المتحاربة لإيصال المساعدات، أعاقت قدرة وكالات الإغاثة على توسيع نطاق الاستجابة بشكل كبير. هذا ويؤدي انعدام الأمان دورًا أساسيًا في هذا السياق. لكن فداحة الوضع لم تعد تتيح التذرع بمثل هذه المسائل. على الأمم المتحدة والمجتمع الإنساني الأوسع بذل المزيد من الجهد في تفاوضها لضمان وصول وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية إلى مخيم زمزم  وإسهامها في الاستجابة فيه".

يعيش الناس ظروفًا مزريةً في المخيم. ولم تُوزَّع أي مواد غذائية رسمية في المخيم منذ مايو/أيار 2023. وعلى الرغم من وصول بضع شاحنات من الأمم المتحدة إلى الفاشر قبل أسبوعين، لم يصل أي منها إلى زمزم حتى يوم الإثنين 29 أبريل/نيسان. في ذلك التاريخ، تسلّم قادة المجتمع الغذاء ويُتوقّع منهم توزيعه على السكان.

ومع ذلك، حتى قبل بدء الحرب، لم يتلقَّ الناس في المخيم سوى القليل من الدعم. كانت الحصص الغذائية لا ترقى إلى المعايير الدولية على الإطلاق، ولم تتوفر مياه نظيفة كافية، ولم يتواجد إلا عيادتين صحيتين أخريين في المخيم الشاسع قبل أن تفتتح أطباء بلا حدود أول عيادة لها في عام 2022، وكلاهما يعملان بالكاد الآن.

كان مئات آلاف الأشخاص معرّضين للخطر في الأساس. والآن، ومع القتال الحالي، بات الخطر يتربّص بعدد أكبر بكثير. كلير نيكوليه، رئيسة الاستجابة الطارئة في منظمة أطباء بلا حدود في السودان

الوضع مزرٍ لجميع سكان المخيم وقد ازداد تدهورًا في العام الماضي. أما آلاف النازحين الذي توافدوا إلى المخيّم في الآونة الأخيرة من نيالا وطويلة وغيرها من المواقع التي اندلع فيها قتال عنيف، فيعانون من وضع سيئ بشكل خاص.

وصل الكثيرون إلى مخيم زمزم خاليي الوفاض ويعيشون في مدارس مكتظة حيث لا يتوفر لهم طعام أو ماء. يحتاج جميع من في مخيم زمزم إلى الدعم، لكن الوافدين الجدد معرضون للخطر بشكل خاص. فمع تصاعد العنف في شمال دارفور مرة أخرى، سيضطر أشخاصٌ جدد إلى النزوح ما يعني أن المنافسة على الموارد المحدودة أساسًا في المخيم قد تتفاقم.  

من غير الممكن كبح انحدار الوضع إلى كارثة عارمة إلا إذا وُزِّع الطعام بشكل يُعوَّل عليه بحيث يحصل الجميع على حصص غذائية كافية. ومع اقتراب موسم الأمطار، وعدم وجود إسفلت على الطرق، ستواجه شاحنات المساعدات صعوبة في الوصول إلى المخيم، ما يجعل التسليم السريع للمساعدات أكثر إلحاحًا.

وعلى الرغم من إدراك الأمم المتحدة لخطورة الوضع، ورغم التحذيرات بالمجاعة التي تنذر بها وكالاتها، لا تفعل الأمم المتحدة سوى القليل لمنع تدهور أزمة سوء التغذية في زمزم إلى وضع كارثي.

المقال التالي
النزاع في السودان
بيان صحفي 26 سبتمبر/أيلول 2024