Skip to main content

أطباء بلا حدود تقفل مشروع مكافحة فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز في ملاوي بعد 25 عامًا على انطلاقه

طوت منظمة أطباء بلا حدود في يوليو/تموز 2023 صفحة واحدٍ من أقدم مشاريعها في ملاوي كان قد انطلق قبل نحو 25 عامًا استجابةً لوباء فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز

بدأنا أنشطة الوقاية من فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز والسيطرة عليه في ملاوي عام 1994 في منطقة موانزا ثم توسعنا إلى شيرادزولو عام 1997، علمًا أن 20  في المئة من سكان شيرادزولو البالغين كانوا مصابين آنذاك بالفيروس بحسب التقديرات. 

وفي أغسطس/آب 2001 بدأنا برنامجًا لتأمين مضادات الفيروس القهقرية مجانًا في مستشفى شيرادزولو العام، حيث لم تكن علاجات فيروس نقص المناعة البشري متوفرةً في البلاد قبل ذلك التاريخ وكانت الإجراءات الطبية التي تستهدف المصابين بالإيدز تقتصر على الوقاية من الأمراض الانتهازية وعلاجها، علمًا أن نحو 86,000 شخص توفوا لأسباب تتعلق بالإيدز في ملاوي سنة 2011 بحسب برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشري/الإيدز.

كانت الأوضاع سيئة جدًا في تلك الأيام وكان الناس يموتون. فقدت أخي وأختي بسبب الإيدز. فريد ميناندي، رابع مريض يتلقى العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية في مستشفى شيرادزولو العام

يتذكر المزارع المتقاعد فريد ميناندي بفخر كيف أنه كان رابع مريض يتلقى العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية في مشروع شيرادزولو في 16 أغسطس/آب 2001 حين كان عمره وقتئذٍ 41 عامًا. 

يقول فريد، "كانت الأوضاع سيئة جدًا في تلك الأيام وكان الناس يموتون. فقدت أخي وأختي بسبب الإيدز. كنت فاقدًا للأمل عندما كنت مريضًا. ولم يكن أي أحدٍ يتلقى آنذاك مضادات الفيروسات القهقرية إلى أن بدأت أطباء بلا حدود بتوفيرها". 

ذهبت سنة 1999 لإجراء اختبار للكشف عن فيروس نقص المناعة البشري في مستشفى شيرادزولو العام. كنت قد توقفت عن العمل لأنني كنت عليلًا جدًا وأعاني من أمراض انتهازية منذ عام 1997. جاءت النتيجة إيجابية وكنت مصابًا بالفيروس. 

قابلت لاحقًا مرشدي أطباء بلا حدود الذين أخبروني بأنهم سيبدؤون بتوزيع مضادات الفيروسات القهقرية. كنت محظوظًا كوني من بين أوائل المرضى الذين يتلقون العلاج. وصرت بعد شهر قادرًا على العمل من جديد". 

فيديو

نظرة على 25 عامًا من خدمات رعاية المصابين بفيروس نقص المناعة البشري/الإيدز

نظرة على 25 عامًا من خدمات رعاية المصابين بفيروس نقص المناعة البشري/الإيدز (باللغة الإنجليزية)
MSF/Benoit Finck

لا تقتصر حكاية مشروع شيرادزولو على توفير الأدوية للمرضى فحسب، بل مهّد هذا المشروع الطريق لمكافحة فيروس نقص المناعة البشري في السياقات النائية الفقيرة وسمح بامتثال المرضى لروتين العلاج الصارم، وهي فكرةٌ كانت تلاقي الكثير من التهكّم آنذاك.

فقد شكّل المشروع سابقة ومهّد السبيل للمطالبة بخفض أسعار الأدوية وتأمين مضادات الفيروسات القهقرية في البلدان ذات الدخل المنخفض. 

وبحلول نهاية عام 2003، كان هناك أكثر من 2,000 مريض يخضعون للعلاج بمضادات الفيروسات القهقرية في برنامج شيرادزولو، أي بمعدل 200 مريضٍ جديد كل شهر، وكانوا يحققون نتائج سريرية مشابهة لتلك التي تحققها البلدان ذات الدخل المرتفع. 
 
كما زاد عدد المرضى الذين يتلقون هذه العلاجات بمرور السنين بفضل تبسيط المقاربات العلاجية وإلغاء مركزية الرعاية ونقلها إلى المرافق الصحية البعيدة ونقل بعض المهام من الطواقم الطبية إلى الطواقم الطبية المساعدة أو حتى غير الطبية. 

كذلك فقد أسهم التعاون بين منظمة أطباء بلا حدود ووزارة الصحة، إلى جانب نموذج إلغاء المركزية ونقل المهام، في رسم معالم السياسات والإرشادات التوجيهية المعنية برعاية المصابين بفيروس نقص المناعة البشري وعلاجهم في ملاوي. 

أنشطة أطباء بلا حدود في ملاوي
ممرض تابع لأطباء بلا حدود وهو يفحص رئتي مريض مصاب بالسل وبفيروس نقص المناعة البشري في مستشفى شيرادزولو العام. ملاوي، 5 مايو/أيار 2006.
Julie Remy/MSF

هذا وصارت جميع المرافق الصحية في منطقة شيرادزولو قادرةً بحلول عام 2009 على توفير كافة الخدمات اللازمة لمرضى فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز، من الفحوصات المخبرية إلى خدمات الوقاية من انتقال الفيروس من الأم إلى الطفل وعلاج السل المترافق بنقص المناعة البشري. 

وكشفت دراسة نفذتها أطباء بلا حدود في المنطقة سنة 2013 بأن 65.8 في المئة من الأشخاص الذين يحتاجون إلى مضادات الفيروسات القهقرية يتلقون الأدوية المناسبة، كما كشف مسحٌ سكاني عن انخفاض معدل الإصابات الجديدة إلى حد كبير (0.4 في المئة)، مما يدل على أن توفير علاجات الفيروس على نطاق واسع قد لعب دورًا في خفض معدل انتقاله. 

لكن ما كان بالإمكان تحقيق هذا التقدم بمجرد التعاون بين أطباء بلا حدود والسلطات الصحية المحلية بل أيضًا بفضل المرضى أنفسهم، فقد شكّل هؤلاء المرضى ومنهم فريد مجموعاتٍ للدعم وعملوا مع أطباء بلا حدود كمرشدين للأقران لكي يشجعوا الناس على الخضوع للفحوصات ويساعدوا المرضى على الامتثال للعلاج. 

فيقول فريد، "هذه المقاربة التي تتمحور حول تعاون القائمين على توفير الرعاية مع مرشدي الأقران مكّنت المرضى من تولي مسؤولية رعايتهم بأنفسهم ودعم غيرهم في رحلة علاجهم".

فريد ميناندي، رابع مريض يتلقى العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية في مستشفى شيرادزولو العام "حين أذهب لإجراء فحص للحمل الفيروسي هذه الأيام، يكون مستوى الفيروس غير قابل للكشف. وحين قال لي المرشد سنة 2001 بأن مضادات الفيروسات القهقرية قد تطيل حياتي ظننت بأنها ستطيلها سنتين إلى ثلاث سنوات، لكن ها أنا ذا بعد 22 عامًا".
 Malawi: 25 years of HIV/AIDS care

صحيحٌ أن المصابين بفيروس نقص المناعة البشري يواجهون الكثير من المشاكل ذاتها بغض النظر عن العمر والظروف، لكن اتضح بمرور الوقت بأن الأطفال والمراهقين يواجهون تحديات خاصة بهم ويحتاجون إلى اهتمام إضافي ورعاية مخصصة لهم.

فحين يكون المرضى صغارًا حتى أن بعضهم لم يتجاوز سن العاشرة، عندها يصعب جدًا شرح مفهوم الإصابة بالفيروس وتأثيراته على حياتهم، في حين أن بعض المرضى يكونون قد اقتربوا من سن النضج الجنسي ويعانون كي يتصالحوا مع حقيقة أنهم يتعايشون مع مرض ينتقل جنسيًا. 

هذا وكنا قد بدأنا في عام 2017 بتأسيس نوادي المراهقين التي تنشط أيام السبت وواصلنا إدارتها حتى نهاية عام 2022، حيث تقدم الرعاية والمتابعة وتؤمن خدمات الصحة الجنسية والإنجابية والدعم النفسي والاجتماعي للمراهقين المصابين بالفيروس.

وقد أثبت حضور هذه النوادي أهميته في تحسين الامتثال للعلاج ودعم عافية ورفاه المرضى بشكل عام، حيث أن هذه النوادي تؤمن مساحة مواتية وآمنة يمكن للمراهقين أن يستفيدوا فيها من دعم الأقران. 
فقد أسهمت مشاركة العديد من هؤلاء اليافعين في تلك النوادي في انتقالهم من مرحلة المعاناة إلى مرحلة الفهم والاستعداد لمواجهة الفيروس، علماً أن 9,200 يافع ويافعة حضروا تلك النوادي في منطقة شيرادزولوا خلال عام 2019.

أنشطة أطباء بلا حدود في ملاوي
مراهقون متجمعون في مركز ناميبامبو الصحي قرب شيرادزولو لحضور النادي المخصص لليافعين المصابين بفيروس نقص المناعة البشري. ملاوي، 7 مارس/آذار 2020.
Francesco Segoni/MSF

بعد مرور أكثر من 20 عامًا على بدء التعاون مع أطباء بلا حدود، تسلّمت سلطات شيرادزولو الصحية وشركاؤها جميع المرضى والأنشطة على مدار عامي 2022 و2023، بما يكفل استمرارية علاج ورعاية المصابين بفيروس نقص المناعة البشري. 

يشار إلى أن ملاوي تسجل واحدًا من أعلى معدلات انتشار فيروس نقص المناعة البشري في العالم حيث يعيش فيها 990,000 شخص مصاب بالفيروس (بحسب بيانات برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز لعام 2021)، علمًا أن تعداد سكانها يقارب 20 مليونًا. وقد أسهمت برامج على غرار برنامج شيرادزولو في وضع معايير رعاية المصابين بالفيروس في البلاد. 

كما نجحت البلاد بالتعاون مع أطباء بلا حدود وغيرها من الشركاء في الارتقاء ببرامج الوقاية من الفيروس وعلاجه، مما أسهم في تحقيق خطوات جبارة. إذ أن 93 في المئة من إجمالي المصابين البالغ عددهم 990,000 يعلمون بتفاصيل حالتهم، كما أن 91 بالمئة يتلقون العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية، في حين أن 85 بالمئة حققوا مرحلة كبح الحمل الفيروسي (بحسب بيانات برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز لعام 2021). 

وقال فريد البالغ من العمر 63 عامًا، "حين أذهب لإجراء فحص للحمل الفيروس هذه الأيام، يكون مستوى الفيروس غير قابل للكشف. وحين قال لي المرشد سنة 2001 بأن مضادات الفيروسات القهقرية قد تطيل حياتي ظننت بأنها ستطيلها سنتين إلى ثلاث سنوات، لكن ها أنا ذا بعد 22 عامًا".

يشار إلى أن برنامج شيرادزولو استقبل منذ عام 2001 وحتى إقفال المشروع في عام 2023 ما مجموعه 55,000 شخص أثبتت الفحوصات إصابتهم بفيروس نقص المناعة البشري.

المقال التالي
الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط
بيان صحفي 13 ديسمبر/كانون الاول 2024