يرزخ نظام الرعاية الصحية في أوكرانيا - هذا البلد الأوروبي الوحيد الذي يشهد نزاعًا مسلحًا - تحت ضغط كبير، خصوصاً في الشرق حيث تركت الأعمال العدائية المتفرقة الكثيرين يصارعون من أجل الحصول على الرعاية الصحية. ويُهدّد تفشي مرض كوفيد-19 بإنهاك القدرة المتبقية لدى البلاد على توفير الرعاية الصحية.
هذا وتواجه أوكرانيا أيضًا نقصًا حادًا في الموظفين، بحيث تبلغ نسبة أطبائها في سن التقاعد الآن 25 في المائةتشير البيانات الأخيرة المقدّمة من وزارة الصحة الأوكرانية إلى العام 2017.. وبدوره، لا يؤدّي نقص معدات الوقاية الطبية والشخصية سوى إلى تقويض قدرة أوكرانيا المحدودة على الاستجابة لجائحة كوفيد-19. وما يثير القلق الشديد أيضًا هو أن حوالي 20 في المائة من الأوكرانيين الذين تأكّدت إصابتهم بالعدوى هم عاملون في مجال الرعاية الصحية، وسبق وتوفي 19 منهم وما زال حوالي 2,000 مريضًا أو يتماثل للشفاء.
وإلى جانب ما سبق، تجعل المعدلات المرتفعة من الأمراض المزمنة منطقة شرق أوكرانيا عرضة بشكل خاص لتبعاتٍ قاسية لتفشي مرض كوفيد-19.
تعمل منظّمة أطباء بلا حدود منذ عدة سنوات في أوكرانيا على تقديم الرعاية الطبية إلى المجتمعات المتضررة من النزاع، وها هي اليوم تدعم وزارة الصحة الأوكرانية للاستجابة لمرض كوفيد-19 في منطقتَي دونيتسك وزيتومير.
توفر فرق أطباء بلا حدود الرعاية المنزلية للأشخاص الأكثر حاجة الذين يعيشون بالقرب من منطقة النزاع من أجل تخفيف العبء الواقع على عاتق الهياكل الصحية المعدودة التي لا تزال أبوابها مفتوحة في المنطقة. لدينا فريقان متنقلان في مارينكا، في منطقة دونيتسك، لتعزيز الخدمات الصحية وحماية موظفي وزارة الصحة المسنين من التعرّض للإصابة بمرض كوفيد-19. يعمل الفريقان على تتبُّع مخالطي المرض وتحديد الأعراض المرضية وتوفير الرعاية المنزلية للأشخاص الذين يعانون من أعراض خفيفة. كما يقومان بإحالة المرضى الذين يحتاجون إلى دخول المستشفى والمساعدة في جمع العينات لإجراء اختبارات مرض كوفيد-19 في المختبرات المعتمدة من وزارة الصحة.
تسعى كذلك منظمة أطباء بلا حدود إلى تعزيز قدرات موظفي وزارة الصحة. فتلقى حتى الآن نحو 170 عاملًا في مجال الرعاية الصحية في دونيتسك وزيتومير تدريبًا على الاستخدام السليم لمعدات الوقاية، والوقاية من العدوى ومكافحتها، وتنظيم حركة المرضى من خلال الفرز والتعرّف على الأعراض المرضية والعزل، والإدارة الآمنة للنفايات. كما تُوفر الرعاية النفسية للموظفين الطبيين والمرضى والمجتمع من خلال الخطوط الساخنة لمعالجة الإجهاد المتراكم من جراء النزاع والحجر الصحي.
وفقًا للطبيبة في أطباء بلا حدود أولغا توشان، "بعض المرضى الذين قمنا بزيارتهم لتقديم الرعاية المنزلية إليهم يسمعون كل يوم الأعمال العدائية، ويعيشون في منازل متضررة... أذكر عائلة لديها أربعة أطفال تعيش في منزل لا يمكن إغلاق أبوابه ونوافذه المتصدعة".
كانت المرافق بطيئة في تنفيذ تدابير مكافحة العدوى، ولا تزال هناك مشاكل تتعلق بالاستخدام السليم لمعدات الوقاية الشخصية.مارفي دوكا، المرجع الطبي في مشروع أطباء بلا حدود
الحفاظ على سلامة العاملين الصحيين
يقول المرجع الطبي في مشروع أطباء بلا حدود مارفي دوكا، "قمنا بزيارة حوالي ثلث المرافق المخصّصة لعلاج مرضى كوفيد-19 في منطقة زيتومير. إن العاملين في مجال الرعاية الصحية مندفعون للغاية على الرغم من التحديات التي يواجهونها في علاج المرضى".
ويُردف قائلًا، كانت المرافق بطيئة في تنفيذ تدابير مكافحة العدوى، ولا تزال هناك مشاكل تتعلق بالاستخدام السليم لمعدات الوقاية الشخصية. إذا كانوا غير ملمّين بكيفية ارتداء معدات الوقاية وخلعها أو إعداد أقسام تحديد الأعراض المرضية والفرز والعزل بالشكل الصحيح، قد يُصاب الموظفون بالعدوى وينقلونها بدورهم إلى بعضهم بعض وإلى المرضى في أقسام أخرى من المستشفى".
استمرار الرعاية في بيئة ذات معدلات عالية من الأمراض
تُعدّ أوكرانيا من البلدان ذات أعلى المعدلات في الإصابة بالسل المقاوم للأدوية المتعددة في العالم وتسجّل أيضًا معدلات عالية من التهاب الكبد C، وفيروس نقص المناعة البشري، واضطراب الاستخدام المفرط للكحول، والسمنة، واضطرابات القلب والأوعية الدموية، والسكري. وتُعتبر جميعها عوامل تزيد على ما يبدو من خطر ظهور أعراض شديدة على المصابين بمرض كوفيد-19. يندرج جميع مرضى أطباء بلا حدود في أوكرانيا ضمن إحدى هذه الفئات.
على هذا النحو، فإن من أولويات أطباء بلا حدود ضمان استمرارنا في رعاية مرضانا. نحرص على تأمين الإمدادات من الأدوية طوال فترة الحجر الصحي المعلنة، ونتشارك المعلومات حول كيفية التصدّي لمرض كوفيد-19 ونقدّم إلى مرضانا الدعم النفسي الاجتماعي، عبر الهاتف بشكل أساسي. نعالج نحو 170 مريضًا مصابًا بالسل المقاوم للأدوية المتعددة ونستمر في إدراج ما معدّله أربعة مرضى في الأسبوع في برنامج العلاج، تمامًا كما كان الحال قبل الجائحة. في سيفيرو دونيتسك، نواصل التبرع بالأدوية لبرنامج فيروس نقص المناعة البشري المحلي لعلاج مجموعة من الإصابات.