في أعقاب الزلازل التي ضربت جنوب تركيا وشمال غرب سوريا، شهدت المنطقة مئات الهزات الارتدادية، مما زاد من عدد القتلى والأضرار المادية والصدمات النفسية للناجين.
وبعد مرور شهر، انتهت مرحلة البحث والإنقاذ. لكن رغم أن الغبار قد انجلى، مازالت الاحتياجات شديدة. من خلال هذه المقابلة، يوضح منسق مشروع أطباء بلا حدود في إدلب، سوريا، أحمد رحمو، الاحتياجات الطبية والإنسانية الحالية وأنشطة أطباء بلا حدود والدعم الذي تقدمه في البلدين.
بعد مرور شهر، ما هو أثر هذه الكارثة في تركيا وسوريا؟
في شمال غرب سوريا، في محافظتي إدلب وحلب حيث تتواجد فرقنا، أدت الكارثة إلى تفاقم الوضع الإنساني الذي كان مزريًا من قَبل. فنزوح 180,000 شخص جراء الزلازل يضاف إلى 2.8 مليون شخص يعيشون في ظروف صعبة وغير مستقرة أساسًا بعد نزوحهم عدة مرات خلال 12 عامًا من الحرب.
في تركيا، وفقًا للأرقام الرسمية، لغاية 4 مارس/آذار، اضطر أكثر من 3 ملايين شخص إلى مغادرة منازلهم، من بينهم أكثر من 1.5 مليون شخص يعيشون الآن في مدن من الخيام. أثرت الزلازل على 11 محافظة بدرجات متفاوتة، وتضم تلك المحافظات نحو 16 في المئة من إجمالي سكان البلاد. كما أن بعض المناطق التي ضربتها الزلازل في تركيا كانت تستضيف أساسًا ملايين اللاجئين السوريين في وضع ضعيف للغاية ويعيشون في مساكن غير مستقرة.
وعلى الرغم من الاستجابة الكبيرة من قبل السلطات وتضامن المجتمع المدني التركي، لا تزال هناك احتياجات غير ملباة للعديد من الأشخاص المتضررين من الزلزال.
ما هي الاحتياجات الطبية والإغاثية الأكثر إلحاحًا في الوقت الحالي؟
مازال الكثير من النازحين بدون مأوى أو طعام أو مياه نظيفة أو ضروريات المعيشة. يحتاج الناس إلى المساعدة الطبية والمراحيض والحمامات وأجهزة التدفئة والملابس الشتوية والمولدات والبطانيات ومستلزمات النظافة الصحية والتنظيف. ومن الضروري مواصلة تقديم الدعم الإغاثي الفوري للمتضررين، الآن وقد انتهت مرحلة الطوارئ الحادة.
كما فقد العديد من الناس منازلهم وأنشطتهم الاقتصادية وأقاربهم وأحبائهم، ويعيشون في ظروف صعبة للغاية. معظم الناس حزينون ويائسون وقلقون وغير واثقين من المستقبل ويضطرون للعيش في خوف مستمر وفي ظل الإجهاد التالي للصدمة الذي تسببه الهزات الارتدادية بشكل يومي. ويستحضر الكثير من الأشخاص التجارب التي مروا بها في أذهانهم ويعتقدون أن الدمار الذي وقع يمكن أن يحدث مرة أخرى. وبالتالي، فإن توفير الدعم النفسي الاجتماعي يعدّ أمرًا بالغ الأهمية.
مازلنا نؤيد الدعوة إلى توفير المزيد من نقاط العبور لدخول المساعدات الإنسانية إلى شمال غرب سوريا.أحمد رحمو، منسق مشروع أطباء بلا حدود في إدلب، سوريا
في شمال غرب سوريا، يضاف إلى ذلك أيضًا ضعف نظام الرعاية الصحية والبنية التحتية، حيث تضرر 55 مرفقًا للرعاية الصحية أو أصبحت لا تعمل بشكل كامل.
كيف تستجيب منظمة أطباء بلا حدود لهذه الأزمة؟
في سوريا، تدعم فرقنا المرافق الصحية العاملة في محافظتي إدلب وحلب. كما ندير عيادات متنقلة تقدم الرعاية الطبية الأولية، فضلاً عن الصحة النفسية في مراكز الاستقبال ومخيمات النزوح في كلا المحافظتين. وتواصل فرقنا توزيع المواد الإغاثية على الأشخاص الذين يحتاجون إليها.
في تركيا، نعمل في الوقت الحالي بالشراكة مع عدة منظمات غير حكومية محلية ومنظمات المجتمع المدني لتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية التي تشتد الحاجة إليها. ونركز على المجالات المهملة حيث يمكن أن يكون لتدخلنا قيمة مضافة.
ومن ضمن دعمنا من خلال المنظمات المحلية الشريكة في تركيا، مازالت أطباء بلا حدود تتبرع بالإمدادات الطبية والغذائية والمائية واللوجستية، بالإضافة إلى مستلزمات النظافة ومواد الإغاثة، كالبطانيات والمواقد الكهربائية والملابس الداخلية الحرارية لمساعدة الناس على تحمل الطقس البارد.
كما دعمنا احتياجات المياه والصرف الصحي من خلال بناء حمامات ومراحيض في مخيمات مؤقتة وندعم أنشطة الدعم النفسي الاجتماعي للأشخاص المتضررين من الزلزال، بما في ذلك الناجين والمتطوعين وفرق البحث والإنقاذ من خلال الجلسات الفردية والجماعية.
هل تلبي المساعدات الإنسانية جميع احتياجات الأشخاص المتضررين في سوريا؟
كانت المساعدات الإنسانية القادمة إلى شمال غرب سوريا محدودة وبطيئة للغاية. ولا تزال هناك حاجة ماسة إلى المأوى ومياه الشرب ومرافق الغسيل ومعدات التدفئة. وتجدر الإشارة إلى أنّ معبر باب الهوى هو المعبر الإنساني الرئيسي الذي تدعمه الأمم المتحدة بين تركيا وشمال غرب سوريا، والذي يمكن من خلاله دخول الإمدادات الطبية الأساسية المنقذة للحياة إلى شمال غرب سوريا.
وفي 13 فبراير/شباط، أُعلن عن فتح معبرين إنسانيين إضافيين هما باب السلامة والرعي من تركيا إلى شمال غرب سوريا لفترة أولية مدتها ثلاثة أشهر.
وبينما عبرت قافلة أطباء بلا حدود الثانية المؤلفة من 15 شاحنة إلى شمال غرب سوريا في 26 فبراير/شباط بتسهيل من منظمة الأمين غير الحكومية، فإننا مازلنا نؤيد الدعوة إلى توفير المزيد من نقاط العبور لدخول المساعدات الإنسانية إلى شمال غرب سوريا، حيث تتناقص الإمدادات، لا سيما تلك اللازمة لإجراء العمليات الجراحية. نستمر في الدعوة إلى وصول المساعدة الإنسانية إلى السكان وفقًا لاحتياجاتهم فقط. وللأسف، مازالت المساعدات اليوم بعيدة كل البعد عن تلبية تلك الاحتياجات في سوريا.
في شمال غرب سوريا، تدعم أطباء بلا حدود حاليًا مستشفيات تشمل وحدة لعلاج الحروق، بالإضافة إلى مراكز رعاية صحية عامة وسيارات إسعاف للإحالات. بالإضافة إلى ذلك، ندعم عيادات متنقلة وعيادات للأمراض غير المعدية التي تقدم خدمات النازحين في المخيمات. كما ندير أنشطة المياه والصرف الصحي والنظافة في مخيمات في جميع أنحاء الشمال الغربي.
وفي تركيا، وبالتعاون مع العديد من المنظمات المحلية الشريكة التي تدعم الناس في المناطق المتضررة، تقوم أطباء بلا حدود باستمرار بتقييم مساعدتنا وتكييفها للاستجابة على أفضل وجه للاحتياجات الطبية والإغاثية. وحتى الآن، نُفذت أنشطة مدعومة في مواقع مثل غازي عنتاب، وملاطية، وأديامان، وهاتاي، والبستان، ونورداغي، وكلس، وإصلاحية، وديفني، وسمانداغ، وأنطاكية، ونارليجيا، وبازارجيك، وإسكندرون، ومدينة كهرمان مرعش.