Skip to main content
An abandoned alley in Mbawa camp

تجاوز الألم والخوف: حكايات مروعة للنساء من المخيمات في بنيو

أجبرت الاشتباكات العنيفة في شمال وسط نيجيريا عشرات آلاف الناس على ترك منازلهم في السنوات الأخيرة. وقد استقر الكثيرون في مخيمات حول مكوردي، عاصمة ولاية بنيو. وتعدّ الظروف المعيشية في المخيمات غير مستقرة والحياة اليومية عبارة عن كفاح، لا سيما بالنسبة للنساء. وبعد تلقي تقارير عن مستويات مقلقة من العنف الجنسي ضد النساء والفتيات في المخيمات، تقوم فرق من أطباء بلا حدود بتقديم الرعاية الطبية والنفسية للناجيات. وقد شاركت بعض الناجيات قصصهن.

فتقول إيوا، وهي أم لستة أطفال تعيش في مخيم مباوا، على بعد حوالي 20 كيلومترًا شمال عاصمة الولاية مكوردي، "وعدني بأنه سيعطيني المال وطلب مني مقابلته في منزل خارج المخيم". وحيث أنها كانت مضطرة لاقتراض المال لشراء الطعام لأطفالها، فقد طلبت من الرجل، الذي كان أحد معارفها، المساعدة.

وتضيف، "عندما وصلت إلى هناك، قال إنه لن يساعدني إلا إذا مارست الجنس معه. رفضت، لكنه أجبرني بالقوة". بعد الاعتداء الجنسي، سعت إيوا للحصول على العلاج في عيادة أطباء بلا حدود في المخيم، والتي توفر الرعاية للناجيات من العنف الجنسي.

أشخاص يعملون في مطحنة أرز تقع عند مدخل بلدة ماكوردي
أشخاص يعملون في مطحنة أرز تقع عند مدخل بلدة مكوردي. نيجيريا، في ديسمبر/كانون الأول 2023.
Kasia Strek/MSF

ولاية بنيو هي منطقة زراعية في شمال وسط نيجيريا، غالبًا ما تُعرف باسم سلة الغذاء النيجيرية، ويمر منها ثاني أكبر ممر مائي في البلاد، نهر بنيو. وفي السنوات الأخيرة، أجبر انعدام الأمن في شمال نيجيريا العديد من الرعاة على الانتقال جنوبًا إلى المنطقة الشمالية الوسطى، في حين قلل تغير المناخ والتدهور البيئي من توافر الأراضي الخصبة.

وأدى سنّ قانون في عام 2017 يحظر الرعي في المراعي المفتوحة إلى نزوح الرعاة من ولاية بنيو الذين لم يعودوا قادرين على الحفاظ على أسلوب حياتهم التقليدي، مما أدى إلى اشتداد الاشتباكات المسلحة بين الرعاة والمزارعين. وقد أدى العنف الناجم عن ذلك إلى نزوح نحو 400,000 شخص من ديارهم، وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، حيث استقر العديد منهم في مخيمات في أنحاء ولاية بنيو.

إيوا، أم لستة أطفال تعيش في مخيم مباوا، ”عندما وصلت إلى هناك، قال إنه لن يساعدني إلا إذا مارست الجنس معه. رفضت، لكنه أجبرني بالقوة“.
Iyua, a survivor of sexual violence

الحياة في المخيمات كفاح صعب. الظروف المعيشية غير مستقرة وغير صحية، في حين أن هناك نقصًا حادًا في الطعام ومياه الشرب والخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية. وهناك أيضًا مستويات مقلقة من العنف الجنسي، تتفاقم بسبب الفقر، واختلال توازن القوى بين النساء والرجال، ومحدودية وسائل كسب العيش لدى الناس، والسياق الأوسع للعنف.

ووفقًا لبيانات أطباء بلا حدود، فإن أغلبية مرتكبي العنف الجنسي هم شركاء حميمون للناجيات، ولكنه يُرتكب أيضًا من قبل معارف وغرباء، سواء كانوا مدنيين أو غير مدنيين. وكثيرًا ما تكون النساء المعيلات الوحيدات لأسرهن، وليس لديهن خيار سوى مغادرة المخيمات بحثًا عن الغذاء والحطب للحصول على الوقود، مما يعرضهن لخطر العنف الجنسي.

كانت دوشيما، وهي طالبة، تعمل في مزرعة ذات يوم عندما أجبرتها والدتها وأختها على ركوب دراجة نارية مع رجال لا تعرفهم. فتقول، "بينما كنا نقترب من إحدى القرى، بدأ حشد من الناس في الصراخ والغناء والهتاف. وعرفت أنها كانت أغاني زفاف". في تلك اللحظة أدركت دوشيما أن عائلتها باعتها بغرض الزواج. كانت يائسة لدرجة أنها تتذكر أنها كانت تفكر ما إذا كان معها أي شيء يمكن أن تستخدمه لتزهق روحها.

لم ترغب أمي في رؤيتي مرة أخرى. وقامت بأخذ جميع متعلقاتي، بما في ذلك الزي المدرسي والكتب، وأحرقت كل شيء. دوشيما*، طالبة باعتها عائلتها بغرض الزواج

بعد زفافها لرجل يكبرها بثلاثين عامًا، حُبست دوشيما في منزل صغير. حاولت الهرب ولكن تم الإمساك بها وضربها. وبعد ثلاثة أيام من احتجازها، جاء زوجها إلى المنزل واعتدى عليها. هربت دوشيما مرة أخرى وهذه المرة تفادت الإمساك بها.  

عند الوصول إلى المنزل، وجدت دوشيما نفسها مرفوضة من قبل عائلتها. فتقول، "لم ترغب أمي في رؤيتي مرة أخرى. وقامت بأخذ جميع متعلقاتي، بما في ذلك الزي المدرسي والكتب، وأحرقت كل شيء".

بعد طلب العلاج الطبي من منظمة أطباء بلا حدود، اكتشفت دوشيما أنها حامل وقررت الإجهاض.

الآن تبيع دوشيما البرتقال لكسب ما يكفي من المال لاستبدال الملابس التي أحرقتها والدتها، وتخطط لتعلم الخياطة حتى تتمكن من كسب ما يكفي لشراء الكتب والعودة إلى المدرسة، فهي تريد مواصلة تعليمها أكثر من أي شيء آخر. وتقول، "أود أن أصبح طبيبة وأنقذ حياة الناس".

قفل باب خيمة شيانة مكسور، مما يسهل على الناس الدخول بالقوة
القفل على باب خيمة شيانا مكسور، مما يجعل من السهل على الناس الدخول بالقوة. نيجيريا، في ديسمبر/كانون الأول 2023.
Kasia Strek/MSF

انتقلت شيانا إلى مخيم مباوا قبل خمس سنوات مع أختها الكبرى. أنجَبَت طفلين، لكن توفي كلاهما في مرحلة الطفولة المبكرة. وتعاني شيانا منذ طفولتها المبكرة من إعاقة. فتقول، "كنت نائمة عندما طرق أحدهم بابي في الليل. وعدني الرجل أن يحضر لي شيئًا للأكل، ثم دفع باب خيمتي، فقد كان القفل مكسورًا، وأصر على ممارسة الجنس معي. رفضت وحاولت إبعاده لكنه أمسك ذراعيّ واغتصبني".

تعرضت شيانا للاعتداء الجنسي مرتين من قبل رجال اقتحموا خيمتها مستغلين إعاقتها الجسدية. فتقول، "الليلة الماضية، جاء رجل وحاول الدخول مرة أخرى، لكنني استيقظت بسرعة كافية وأغلقت الباب من الداخل. يحدث هذا بانتظام في المخيم". ليس لدى شيانا أي وسيلة لكسب المال، ولكنها في بعض الأحيان تمشي إلى سوق قريب لالتقاط الحبوب الواقعة على الأرض، فتجمعها وتبيعها.

وإن مفتاح منع العنف الجنسي هو تلبية الاحتياجات الإنسانية للناس وضمان سلامة الأشخاص الضعفاء داخل المخيمات. رشيد إلشين، منسق مشروع أطباء بلا حدود

على بعد بضعة خيام من شيانا تعيش سيمبر. كان زوج سيمبر مزارعًا وقد قُتل في هجوم ليلي. وتقول، "تم الإمساك بزوجي وإطلاق النار عليه عندما حاول الهرب من المنزل. كان مستلقيًا ميتًا على الأرض عندما جاء رجل آخر وقطع رأسه بساطور".

هربت سيمبر وطفلاها إلى مخيم مباوا. وفي أبريل/نيسان 2023، كانت تعمل في مزرعة، وتحصد المحاصيل مع نساء أخريات، عندما نصب لهم خمسة رجال كمينًا – ثلاثة منهم يحملون بنادق واثنان يحملان سواطير. ناقش الرجال ما إذا كانوا سيقتلونهن أم لا، لكنهم قرروا اغتصابهن بدلاً من ذلك.

فتقول سيمبر، "عندما رأيت هؤلاء الرجال يصلون إلى الحقل، شعرت بالغضب. تذكرت وفاة زوجي وقلت في نفسي أنه حان دوري لمغادرة هذا العالم، لكنني لم أدافع عن نفسي ضد الجناة حتى أتمكن من البقاء على قيد الحياة لرعاية أطفالي".

لم تستطع سيمبر المشي من دون مساعدة. أحضرها أحد الأقارب إلى عيادة أطباء بلا حدود في مخيم مباوا، حيث تلقت الرعاية الطبية والدعم النفسي.

تقول سيمبر إنها تشعر بالوحدة الشديدة بدون زوجها، وعندما تجلس بمفردها، تعود الذكريات المزعجة. يبذل ابنها المراهق فنان قصارى جهده لتهدئتها وتشتيت انتباهها بجعلها تضحك أو يضفر شعرها.

إيوا ودوشيما وشيانا وسيمبر هن أربعة فقط من بين آلاف النساء والفتيات اللواتي يعشن في مخيمات في ولاية بنيو وعانين من العنف الجنسي. وبدون اتخاذ إجراءات وقائية، تحذر منظمة أطباء بلا حدود من أن المخاطر التي تتعرض لها النساء ستستمر في التصاعد.

وفي هذا الصدد، يقول منسق مشروع أطباء بلا حدود، رشيد إلشين، "من المهم تسليط الضوء على أن البيئة الاجتماعية لا تتحسن. هناك نقص في خيارات سبل العيش للنازحين، ولا سيما النساء، وبالكاد توجد جهود للحماية والوقاية. الوضع لا يتحسن".

ويوضح، "تستحق الناجيات من العنف الجنسي، سواء في ولاية بنيو أو في أنحاء نيجيريا، الحصول على رعاية طبية مجانية وعالية الجودة والدعم النفسي. وتحتاج النساء والفتيات إلى الحصول على الخدمات بما في ذلك السكن الآمن والمأوى في حالات الطوارئ والمساعدة القانونية وسبل العيش والدعم المالي. وإن مفتاح منع العنف الجنسي هو تلبية الاحتياجات الإنسانية للناس وضمان سلامة الأشخاص الضعفاء داخل المخيمات".

ويضيف، "يجب على المنظمات الإنسانية والإنمائية، المحلية والدولية على حد سواء، أن تعمل جنبًا إلى جنب مع السلطات النيجيرية لضمان إتاحة الدعم الطبي والنفسي بحرية للناجين من العنف الجنسي في ولاية بنيو، وعلى نطاق أوسع، لدعم مجتمعات النازحين لاستعادة كرامتهم وسيطرتهم على حياتهم".

أطلقت منظمة أطباء بلا حدود استجابة طارئة لمساعدة النازحين في ولاية بنيو في عام 2018، وتزويدهم بالرعاية الطبية، بما في ذلك رعاية الصحة الجنسية والإنجابية والرعاية الشاملة للناجين من العنف الجنسي. في عام 2023، عالجت فرق أطباء بلا حدود في بينو أكثر من 1,700 ناجٍ من العنف الجنسي.

* تم تغيير الأسماء لحماية هويات المرضى.

**طوال استجابتنا، دعمت منظمة أطباء بلا حدود في المقام الأول المجتمعات الزراعية النازحة والمجتمعات المضيفة المحيطة بمخيمات النازحين. ويجب بذل المزيد من الجهد لفهم الاحتياجات الإنسانية والصحية للمجتمعات الرعوية، وتأثير العنف على حياتهم.

المقال التالي
نيجيريا
بيان صحفي 20 سبتمبر/أيلول 2024