Skip to main content
Rescue trainings - Rotation 4

أوروبا تسلّم المهاجرين للغرق على حدودها الجنوبية وسياساتها تزيد من معاناتهم

انقضى عام منذ بدء عمليات البحث والإنقاذ في وسط البحر الأبيض المتوسط على متن سفينة جيو بارنتس التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود. أنقذت هذه العمليات 3,138 شخصًا وأُجري على متنها 6,536 استشارة طبية قبل إنزال من أُنقذوا في مكان آمن في أوروبا.

أنشطة أطباء بلا حدود في وسط البحر الأبيض المتوسط
وصل فريق أطباء بلا حدود الذي يعمل على متن سفينة البحث والإنقاذ جيو بارنتس إلى قارب مطاطي يحمل على متنه 95 شخصًا قبل أن يعترضه خفر السواحل الليبي. وقد وصل الفريق في الوقت المناسب لإجراء عملية الإنقاذ بأمان. وسط البحر الأبيض المتوسط، في أكتوبر/تشرين الأول 2021.
Filippo Taddei/MSF

ونظرًا إلى الأرقام التي تمثل حياة الناس، يتجلى واقع شائن: فبين عامي 2017 و2021، بلغ عدد الأشخاص الذين لقوا مصرعهم أو فُقدوا في وسط البحر الأبيض المتوسط 8,500 شخص وأُعيد 95,000 شخص قسرًا إلى ليبيا، بما في ذلك 32,425 شخصًا خلال عام 2021 وحده، ما نتج عن أكبر عدد من عمليات الإعادة القسرية التي تمّ الإبلاغ عن إجرائها حتى اليوم. وفي ليبيا، يواجه الناجون معاملة مهينة، مثل الابتزاز والتعذيب أو حتى الموت في كثير من الأحيان.

وبعد عملية الإنقاذ المأساوية التي أُجريت الأسبوع الماضي، لم يتغير الواقع المحزن على الحدود الأوروبية الجنوبية، فمازال اعتماد سياسات الردع وعدم تقديم المساعدة في البحر يولّدان معاناة وخسائر بشرية، زد على ذلك تفكيك عمليات البحث والإنقاذ لتعزيز ممارسات الإعادة القسرية.

خوان ماتياس جيل، رئيس بعثة عمليات البحث والإنقاذ في أطباء بلا حدود "إنّ عمل أطباء بلا حدود في وسط البحر الأبيض المتوسط هو نتيجة مباشرة لعدم رغبة الدول الأوروبية بقيادة عمليات البحث والإنقاذ الاستباقية في البحر الأبيض المتوسط".
Juan Matias Gil, HoM in Colombia

وفي هذا الصدد، يقول رئيس بعثة عمليات البحث والإنقاذ في أطباء بلا حدود، خوان ماتياس جيل، "إنّ الدول الأوروبية التي فشلت في توفير ما يكفي من عمليات البحث والإنقاذ الاستباقية وعمدت إلى تمويل خفر السواحل الليبي، عززت بلا شك عمليات الإعادة القسرية إلى ليبيا، حيث لا يخفى الاعتقال وسوء المعاملة. إنّ عمل أطباء بلا حدود في وسط البحر الأبيض المتوسط هو نتيجة مباشرة لعدم رغبة الدول الأوروبية بقيادة عمليات البحث والإنقاذ الاستباقية في البحر الأبيض المتوسط".

غالبًا ما يصعب تصوّر الرعب الذي يعيشه اللاجئون وطالبو اللجوء والمهاجرون الآخرون في ليبيا، سواء قبل محاولتهم عبور وسط البحر الأبيض المتوسط أو بعد إعادتهم قسرًا. وفي هذا السياق، سجّلت منظمة أطباء بلا حدود ما تعرّض له آلاف الرجال والنساء والأطفال المحاصرين بين البحر وليبيا من أعمال عنف وتجارب مروعة، وذلك استنادًا إلى شهادات الأشخاص الذين أنقذتهم فرق أطباء بلا حدود ووجدوا الشجاعة الكافية لمشاركة قصتهم.

الحياة على متن جيو بارنتس
ناجون على متن سفينة جيو بارنتس يشرحون ما مروا به أثناء رحلاتهم. وسط البحر الأبيض المتوسط، في سبتمبر/أيلول 2021.
Pablo Garrigos/MSF

وفقًا لشهادات الناجين التي تمّ جمعها على متن السفينة التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود، فإنّ 84 في المئة من أعمال العنف والتي لا تقل عن 620 حادثة وقعت في ليبيا، ومن بينها 68 في المئة وقعت قبل عام من إنقاذهم. كما حصل عدد كبير من هذه الأحداث بعد أن تمّ اعتراض طريقهم من قبل خفر السواحل الليبي واقتيادهم إلى مراكز الاحتجاز.

وأفاد الناجون أنّ الجناة كانوا حراسًا في مراكز الاحتجاز (34 في المئة) وخفر السواحل الليبي (15 في المئة) والشرطة غير التابعة للدولة أو العسكرية (11 في المئة) والمهربين/تجار البشر (10 في المئة). وسجّلت فرقنا تعرّض النساء والأطفال لمستويات عالية من العنف. وتجدر الإشارة إلى أن 29 في مئة من الأشخاص الذين أخبرونا عن تعرّضهم لهذا العنف هم من القصّر، يبلغ أصغرهم من العمر 8 سنوات، بينما شكّلت النساء 18 في المئة.

وتشرح قائدة الفريق الطبي على متن سفينة جيو بارنتس، ستيفاني هوفستيتر، "من بين الآثار الصحية الناجمة عن أعمال العنف المسجلة، شاعت الإصابات البالغة والحروق والكسور وإصابات الرأس والإصابات المرتبطة بالعنف الجنسي واضطرابات الصحة النفسية. كما شملت الحالات الأخرى الإعاقة الجسدية طويلة الأمد والحمل وسوء التغذية والألم المزمن". 

وشهدت فرق أطباء بلا حدود على ممارسات التعطيل في البحر والمحنة التي تتبعها منذ أن بدأت عمليات البحث والإنقاذ على متن سفينة جيو بارنتس في يونيو/حزيران 2021. وبينما تجاهلت السلطات المالطية بشكل منهجي طلبات أطباء بلا حدود لتوفير مكان آمن لإنزال الناجين أو رفضتها، عمدت السلطات الإيطالية إلى المماطلة قدر الإمكان. ونتيجة لذلك، تؤدي هذه التعطيلات في البحر إلى عرقلة عملية التقييم الشاملة والسريعة لتأمين الاحتياجات الطبية والحماية، كما تساهم في إطالة معاناة الناجين أيضًا.

إنّ تغيير سياسة الهجرة المميتة هذه ليس أمرًا ضروريًا فحسب، بل هو ممكن أيضًا. فقد أثبتت أوروبا في سياق الأزمة في أوكرانيا أنّها تستطيع تنفيذ مقاربة إنسانية في التعامل مع الهجرة القسرية. ويجب العمل على حماية حياة الجميع بغض النظر عن العرق أو الجنس أو بلد الأصل أو المعتقدات السياسية أو الدينية، واعتماد مبدإ المساواة في المعاملة، وما يتبع ذلك من احترام للحقوق والكرامة تجاه أولئك الذين يطرقون أبواب أوروبا بحثًا عن الأمان.

تدير منظمة أطباء بلا حدود أنشطة البحث والإنقاذ في وسط البحر الأبيض المتوسط منذ عام 2015، وعملت على متن ثماني سفن مختلفة للبحث والإنقاذ (بمفردها أو بالتعاون مع منظمات غير حكومية أخرى). وبشكل عام، ساعدت فرق البحث والإنقاذ التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود في وسط البحر الأبيض المتوسط أكثر من 85,000 شخص. أما جيو بارنتس فهي السفينة الحالية التي استأجرتها منظمة أطباء بلا حدود بهدف تنفيذ عمليات البحث والإنقاذ.

بين يونيو/حزيران 2021 ومايو/أيار 2022، أبحرت السفينة 11 مرّة وأجرت 47 عملية إنقاذ، وأنقذت 3,138 شخصًا وانتشلت جثث 10 أشخاص آخرين لقوا حتفهم في البحر. كما أجرت فرق منظمة أطباء بلا حدود 6,536 استشارة طبية للرعاية الصحية الأولية والصحة الجنسية والإنجابية والصحة النفسية على متن السفينة.

يشكّل الأطفال نسبة 34 في المئة من الناجين الذين تم إنقاذهم، من بينهم 89 في المئة غير مصحوبين بذويهم و/أو منفصلين عنهم. كما أبلغ 265 شخصًا فرقنا عن تعرضهم لشكل من أشكال العنف أو التعذيب أو سوء المعاملة، وأفاد 63 منهم أنّهم تعرضوا للعنف الجنسي وغيره من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي.

كما سجلت فرقنا الطبية والإنسانية 620 حادثة عنف ارتُكبت ضد الأشخاص الذين تمّ إنقاذهم أو كانوا شهود عيان عليها والتي شملت الاعتداء الجسدي والتعذيب والاخفاء القسري والاختطاف والاعتقال التعسفي والاحتجاز، لا سيما في ليبيا، بما يشمل ممارسات الاعتراض المتكرّر والإعادة القسرية من قبل خفر السواحل الليبي.

المقال التالي
الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط
تصريح 5 يناير/كانون الثاني 2023