Skip to main content
MSF cares for wounded protesters in Baghdad

التوك توك عربات إسعاف الأمة

انطلقت موجة كبيرة من الاحتجاجات في بغداد بتاريخ 1 أكتوبر/تشرين الأوّل إثر عدم قدرة الحكومة العراقية على توفير الخدمات الأساسية، واستحداث فرص العمل والتخلّص من الفساد، وسرعان ما وصلت هذه الموجة إلى مدن أخرى في جنوب العراق.

في المقابل، ردّت السلطات بطرق عنيفة تضمّنت استعمال الرصاص الحي وعبوات الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية، ما أسفر عن توافد أعداد كبيرة من المصابين إلى المستشفيات في أنحاء العراق.

في هذا الإطار، زارت فرق منظّمة أطباء بلا حدود المستشفيات وتبرّعت بلوازم طبية تلبي احتياجات الطوارئ حيث لزم الأمر. كذلك زادت أطباء بلا حدود من حجم قدرتها الاستيعابية في مركز بغداد للتأهيل الطبي لكي تستطيع أن تقدّم في مراحل مبكرة خدمات الرعاية التأهيلية ورعاية ما بعد العمليات الجراحية لعدد أكبر من المرضى الذين يحتاجون إلى هذا النوع من الخدمات.

من بين المرضى الذين اسْتُقبِلوا في مركز بغداد للتأهيل الطبي في الأسابيع الأخيرة مريضٌ يُدعى علي سالم، يبلغ من العمر 20 عامًا وهو سائق توك-توك أمضى معظم وقته في الفترة الأخيرة في نقل المصابين إلى المستشفيات قبل أن ينتهي به المطاف هو أيضًا في سرير المستشفى.

رأيت من يصاب من المحتجين بعبوات الغاز المسل للدموع في رؤوسهم وفي سيقانهم، ولم تسمح لي شجاعتي بالرحيل بعد رؤية ذلك. علي سالم (20 عاماً) سائق توك توك أسعف جرحى التظاهرات

ويقول علي، "منذ الأوّل من أكتوبر/تشرين الأوّل، بدأوا بإطلاق النار على الناس، ونحن، سائقو التوك توك، أو مركبات إسعاف الأمة كما تُسمى الآن، بدأنا بإخلاء المصابين. رأيت إصابات أثّرت فيّ بشكل كبير، ولم أستطع العودة إلى منزلي لأضع رأسي على مخدتي والنوم كأنّ شيئًا لم يكن. رأيت من يصاب من المحتجين بعبوات الغاز المسيل للدموع  في رؤوسهم وفي سيقانهم، ولم تسمح لي شجاعتي بالرحيل بعد رؤية ذلك".

أصيب علي في رجله جراء قنبلة صوتية ونُقِل إلى المستشفى لكي يخضع للجراحة. وعَلِم في المستشفى أنّ عليه المكوث فيها لمدة أسبوعين لكي يتعافى بشكل كافي. لكّنه لم يلتمس الراحة لأنّه كان يرى توافد المصابين إلى المستشفى، يصلون أمام عينيه ويرقدون بجواره.

يقول في هذا الصدد، "شعرت حينها أني أستطيع استجماع قواي لكي أنهض وأعود لقيادة التوك-توك من أجل إنقاذ المزيد من المصابين".

وبعد يومين، خرج علي من المستشفى على مسؤوليته رغم نصائح الأطباء التي أوصت بخلاف ذلك.

سرعان ما عاد علي إلى ساحة التحرير لنقل المصابين من على جسر الجمهورية الذي يمر فوق نهر دجلة ليربط الميدان الرئيسي بالمنطقة الخضراء، حيث تقع المباني الحكومية والسفارات الأجنبية.

ويردف علي، "عند المرور على الجسر، نُطفئ المصابيح الأمامية. لكّنهم يصوبون أسلحتم ويطلقون نحونا. عندما يحدث ذلك، أحرّك رأسي من اليمين إلى اليسار تفاديًا لعبوات الغاز المسيل للدموع أو القنابل الصوتية أو الرصاص الذي يخترق الزجاج الأمامي – أشعر وكأني أشاهد فيلمًا من بوليوود. لم أتوقّع أني سأبقى على قيد الحياة حتى الآن".

علي سالم (20 عاماً) سائق توك توك أسعف جرحى التظاهرات رأيت إصابات أثّرت فيّ بشكل كبير، ولم أستطع العودة إلى منزلي لأضع رأسي على مخدتي والنوم كأنّ شيئًا لم يكن.
MSF cares for wounded protesters in Baghdad

لكّن القدر كان يخبأ الأسوأ لعلي. في 7 نوفمبر/تشرين الثاني، بينما كان واقفًا لكي يلتقط أحد الصحفيين صورة له إلى جانب التوك-توك الخاص به، طلب مسعفٌ متطوّع من علي أن يقلّه إلى جسر الشهداء فقد وصلته أنباء عن استخدام الرصاص الحي هناك.

عند وصولهم إلى الموقع، عثر علي والمسعف على ثلاثة مصابين. طلب المسعف من قوى الأمن الإذن لكي يساعد المصابين، رافعًا ذراعيه لأعلى، لكنهم رفضوا.

ويصف علي بألم الكلمات الأخيرة التي قالها له المسعف، "نظر إلي المسعف، ابتسم، ثم قال لي: انتظر هنا يا ولدي". ركض المسعف ليساعد المصابين، لكن سرعان ما اخترقت رصاصة صدره.

شعر علي بالفزع إثر ما وقع أمام عينيه، لكّنه سارع لانتشال المسعف والمصابين الآخرين. كاد أن يصل إلى بر الأمان لكنه لمح مصابًا آخر.

ويروي علي، "كان رجلًا مسنًا، شعرت بالأسى عليه". اقترب علي من الرجل لكي يساعده، لكن رجل أمن صرخ آمرًا علي أن يعود أدراجه. رفض علي العودة، فأطلق رجل الأمن النار عليه من مسافة قريبة ليصيبه في فخذه.

نُقِل يومها علي إلى المستشفى ولم يعثر أحد على عربة التوك توك الخاصة به بعد تلك الحادثة.

المقال التالي
مرض الكورونا كوفيد-19
تحديث حول مشروع 14 أبريل/نيسان 2020