تشهد فلسطين حاليًا ارتفاعًا في عدد حالات الإصابة بمرض كوفيد-19 في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة. ومن بين أكثر من 43 ألف حالة إصابة تأكّدت في الضفة الغربية منذ بداية انتشار الفيروس، ظهرت أكثر من ثلثها في محافظة الخليل
وتقول المنسقة الميدانية لدى منظّمة أطباء بلا حدود في الخليل كاتارينا لانج، "تعدّ الخليل منذ بضعة أشهر البؤرة الرئيسية لتفشي كوفيد-19 في فلسطين".
وتضيف، "يُعتبر كوفيد-19 مرضًا جديدًا ويتطلب اهتمامًا خاصًا، لا سيما في الأماكن التي تكون فيها إمكانية الحصول على الرعاية الطبية محدودة. اكتسبت أطباء بلا حدود خبرة في الاستجابة لتفشيات الأمراض على مدى العقود الماضية، وفي تفشي كوفيد-19 على وجه الخصوص خلال الأشهر القليلة الماضية. علاوة على ذلك، تعمل أطباء بلا حدود في الخليل منذ أكثر من عشرين عامًا، لذلك كان من المنطقي دعم النظام الصحي في المنطقة في مواجهة هذا التحدي الجديد".
وتركز استجابة أطباء بلا حدود في الخليل على دعم النظام الصّحي المحلي من خلال تنفيذ أنشطة حول الوقاية من العدوى ومكافحتها، بالإضافة إلى توفير الدعم التقني في وحدة العناية المركزة في مستشفى الدرة، إحدى المستشفيات الرئيسية التي تقدّم العلاج لمرضى كوفيد-19 في المدينة.
استقبل المستشفى منذ افتتاحه في بداية يوليو/تموز أكثر من 550 مصابًا بكوفيد-19. ويسعى مستشفى الدرة حاليًا إلى زيادة قدرته الاستيعابية إلى 80 سريرًا، بما في ذلك 8 أسرّة مع أجهزة تنفّس في وحدة العناية المركزة. في سبتمبر/أيلول 2020، بدأت أطباء بلا حدود أيضًا بتقديم الدعم التقني في مستشفى عالية الذي يستقبل كذلك المرضى المصابين بكوفيد-19.
وتفيد المستشارة الطبية في أطباء بلا حدود في الخليل هيلين أوتينس باترسون، "يمكن أن تتدهور حالة المصابين بكوفيد-19 وتنتقل من شديدة إلى حرجة بسرعة. في حال حدوث ذلك، يحتاج المرضى إلى العلاج المناسب بالأكسجين في العناية المركزة".
ومن بين 300 مريضًا أبلغت السلطات في فلسطين عن وفاتهم جراء كوفيد-19 منذ بداية التفشي، يشكّل سكان الخليل قرابة نصفهم، أي 141 متوفي. وتضيف، "حتى لو كان حجم فريقنا واستجابتنا صغيرًا نسبيًا في هذه المرحلة، نأمل أن تساعد خبرة منظّمة أطباء بلا حدود والدعم الذي تقدمه في تقليص معدل الوفيات المقلق لدى مرضى كوفيد-19."
سخّرت أطباء بلا حدود متخصصين في مجال الوقاية من العدوى ومكافحتها وفي إدارة العناية المركزة للعمل في مستشفيي الدرة وعالية، حيث يقدّمون التدريب التطبيقي للموظفين حول معدات الوقاية الشخصية، وكيفية التعامل مع النفايات المعدية، وتدابير التنظيف، والعلاج بالأكسجين والتدريب التمريضي. وتقول أوتينس باترسون بهذا الصدد، "رأينا تقبّل وانطباعات إيجابية من العاملين في المستشفى. هذا التعاون محفز حقًا".
لكن لا يكفي علاج المصابين بكوفيد-19 لإبطاء انتشار الفيروس. وتقول كاتارينا لانج، "علينا أيضًا تعزيز جهود الوقاية حتى لا يصاب الناس بالعدوى في بادئ الأمر".
يجب أن يعرف الناس كيفية حماية أنفسهم وأقاربهم بشكل صحيح قبل فوات الأوان والإصابة بالمرض.كاتارينا لانج، المنسقة الميدانية مع أطباء بلا حدود في الخليل
ولهذا السبب تنفّذ فرق أطباء بلا حدود أنشطة تعزيز التوعية الصحية في المجتمعات الأكثر تضررًا في الخليل، وتوزّع سلل النظافة والكمامات القابلة لإعادة الاستخدام على العاملين في الخطوط الأمامية والأشخاص المعزولين.
وتضيف لانج، "يجب أن يعرف الناس كيفية حماية أنفسهم وأقاربهم بشكل صحيح قبل فوات الأوان والإصابة بالمرض". وستوسع منظّمة أطباء بلا حدود قريباً أنشطتها لتعزيز التوعية الصّحية في مستشفيي الدرة وعالية.
كذلك عزّزت المنظّمة أنشطتها في مجال الصّحة النفسية في الخليل منذ بداية الوباء. في مارس/آذار 2020، بدأ المرشدون النفسيون لدى أطباء بلا حدود في دعم مرضى كوفيد-19 وعائلاتهم، بالإضافة إلى العاملين في الخطوط الأمامية.
وتندرج هذه الأنشطة ضمن برنامج أطباء بلا حدود طويل الأمد المخصّص للدعم النفسي في الخليل منذ عام 2001 بهدف مساعدة البالغين والمراهقين والأطفال المتضررين بشكل مباشر أو غير مباشر بأعمال العنف (وفاة أحد أفراد الأسرة، إصابات خطيرة، هدم المنازل، الاحتجاز، العنف الأسري). وتقدّم المنظّمة الخدمات النفسية ضمن جلسات فردية وجماعية للدعم النفسي الاجتماعي وجلسات للعلاج النفسي في أنحاء محافظة الخليل.
وتختم لانج بالقول، "صحة الناس النفسية لا تقل أهمية عن صحتهم الجسدية، لذلك نحن نحاول حقًا معالجة الاثنين معًا خلال استجابتنا لكوفيد -19. ونحن حاليًا على اتصال مع مرافق صحية أخرى لتوفير هذا الدعم لمن يحتاج إليه".
منظّمة أطباء بلا حدود في فلسطين
تدير منظّمة أطباء بلا حدود في غزة عيادات وأقسام للمرضى المقيمين لمعالجة المرضى من الإصابات البالغة والحروق. وعملت المنظّمة على توسيع نطاق أنشطتها في عام 2018 لتقديم الرعاية لآلاف الأشخاص الذين أصيبوا برصاص الجيش الإسرائيلي خلال الاحتجاجات في مسيرة العودة الكبرى. وتقدّم المنظّمة الجراحة التجميلية وجراحة العظام لمعالجة الإصابات وترميم العظام، بالإضافة إلى توفير الضمادات والعلاج الطبيعي والتثقيف الصّحي والدعم النفسي الاجتماعي.
في الضفة الغربية، نواصل إدارة برامج الرعاية النفسية في نابلس وقلقيلية والخليل، حيث يؤثّر الاحتلال والعنف وانعدام الأمن الاجتماعي والاقتصادي على السكان بشكل كبير.