يرقد بلال البالغ من العمر عشرة أشهر في سريره في مستشفى مزار الشريف الإقليمي في مقاطعة بلخ الأفغانية حيث يعالَج من الحصبة والالتهاب الرئوي تحت مراقبة والدته زكية.

عندما أصيب بلال بالحمى، أخذته زكية إلى العيادات الخاصة واحدة تلو الأخرى لكن حالته ازدادت سوءًا. تقول زكية، "في البداية، كان يعاني من حمى شديدة، وبالرغم من نقله إلى مرفقَيْن طبيَيْن من المرافق الخاصة، لم يتمكنوا من تحديد سبب مرضه بالضبط. في البداية اشتبهوا في إصابته بالتهاب رئوي وأعطوه بعض الأدوية. ولكن لم يبدُ عليه أيّ تحسن".

وعندما سافرت إلى مستشفى مزار الشريف الإقليمي في عاصمة المقاطعة، شُخّصت إصابة بلال بالحصبة وأُدخل أولًا إلى وحدة عزل الحصبة التي تدعمها أطباء بلا حدود ثم إلى وحدة العناية المركزة عندما تدهورت حالته أكثر. وبعد ثلاثة أيام، ظهرت عليه علامات التحسن. وتضيف زكية، "اليوم، نام جيدًا للمرة الأولى منذ إصابته بالمرض".

أمّا بالنسبة لزهرة، أمّ تبلغ من العمر 21 عامًا، فلم تفارق عيناها ابنها علي رامين البالغ من العمر 10 أشهر في المقعد الخلفي لسيارة إسعاف أثناء رحلتها من منطقة بالا دار الصوف في مقاطعة سامانجان إلى مستشفى مزار الشريف الإقليمي.

وتوضح زهرة، "تلقى علي رامين العلاج في المستشفى المحلي لعدّة أيام، لكن مع تدهور حالته، سارعنا إلى هنا". وتشهد حالته الصحية الآن تحسنًا أيضًا.

في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024، شهدت أطباء بلا حدود ارتفاعًا كبيرًا في حالات الحصبة في المرافق التي تديرها أو تدعمها في ثلاث مقاطعات في أفغانستان، ممّا أثر على الكثير من الرضع والأطفال الصغار. يتمّ الإبلاغ عن حالات الإصابة بالحصبة سنويًا في أفغانستان، لكن الارتفاع الكبير هذا العام في مقاطعات بلخ وهيرات وهلمند كان مثيرًا للقلق.

وبين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان، عالجت فرق أطباء بلا حدود نحو 5,000 طفل اشتبه في إصابتهم بالحصبة، منهم 2,700 في مستشفى مزار الشريف الإقليمي و836 في مستشفى هيرات الإقليمي في مقاطعة هيرات و1,406 في مستشفى بوست الإقليمي في مقاطعة هلمند. يُشار إلى أنّ أربعة من كل خمسة أشخاص أُدخلوا إلى هيرات لم يتموا العام الواحد من عمرهم بعد.

وفي هيرات، ضاعفنا عدد الأسرة في وحدة العزل التي نديرها من 31 إلى 61 سرير، فيما كانت تعمل وحدة عزل الحصبة في مزار الشريف بأكثر من 200 في المئة من طاقتها بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار، ممّا اضطر الأطفال إلى تقاسم الأسرة في بعض الأحيان.

يعدّ كل من بلال وعلي رامين من المحظوظين، فرغم كون الحصبة مرضًا شائعًا في مرحلة الطفولة، يمكن أن تكون مميتة عندما تتفاقم بسبب حالات أخرى مثل سوء التغذية أو التشوهات الخلقية. و في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، مات بين سبعة وثمانية أطفال من كل 100 طفل أُدخلوا إلى وحدة عزل الحصبة التابعة لأطباء بلا حدود في مستشفى هيرات الإقليمي لإصابة مشتبهة بالحصبة.

يعدّ الأطفال أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض بشكل خاص، علمًأ أن الأطفال في أفغانستان لا يحصلون على الجرعة الأولى من لقاح الحصبة إلّا بعد أن يبلغوا تسعة أشهر من عمرهم. لذلك لم تكن زكية قد أخذت بلال للتطعيم بعد عندما مرض، ظنًا منها أنه ما زال صغيرًا جدًا.

منذ منتصف أبريل/نيسان، بدأت أعداد الأطفال الذين يدخلون المرافق التي تديرها أو تدعمها أطباء بلا حدود بسبب إصابات مشتبهة بالحصبة في الانخفاض، وتأمل الفرق أن تكون هذه الذروة قد انتهت. ومع ذلك، وفي سبيل تقليل حالات الذروة والوفيات المستقبلية بين الأطفال الصغار، توصي أطباء بلا حدود بإعطاء الجرعة الأولى من لقاح الحصبة على عمر الستة أشهر وبذل جهد متواصل لتطعيم كلّ طفل في أفغانستان ضد المرض.

وفي هذا الصدد، يشرح المنسق الطبي لأطباء بلا حدود في أفغانستان، الدكتور بيكس أويراجيي، "تكمن أولويتنا الرئيسة في علاج المرضى ولكن هذا ليس كافيًا. فأفضل طريقة لمكافحة الحصبة هي الوقاية من خلال التطعيم. نحن نوفر اللقاحات لجميع الأطفال الذين نستقبلهم وينتمون إلى الفئة العمرية المؤهلة، ولكن ما زال علينا بذل جهود إضافية لمنع الانتشار الإضافي للمرض.