باريس – ناشدت ست منظمات، من بينها منظمة أطباء بلا حدود، قرار مكتب براءات الاختراع الأوروبي في سبتمبر/أيلول بالإبقاء على براءة اختراع شركة الأدوية الأمريكية غيلياد ساينسز للعلوم الطبية الخاصة بعقار سوفوسبوفير.
قدّمت الطعن منظمة أطباء العالم، ومنظمة أطباء بلا حدود، وإيدس (فرنسا)، وآكسس تو ميديسن إيرلندا، وبراكسس (اليونان)، وسالود بور ديريكو (إسبانيا)، وقد نصّ على ضرورة إلغاء مكتب براءات الاختراع الأوروبي براءة الاختراع الخاصة بشركة غيلياد لأنها لا تفي بالمتطلبات اللازمة ليكون اختراعًا مؤهلًا من منظور قانوني أو علمي.
ويأتي هذا الالتماس بعد خمس سنوات من الموافقة على استخدام عقار سوفوسبوفير لأول مرة في الولايات المتحدة، حيث أطلقت شركة غيلياد الدواء بسعر 1000 دولار أمريكي لكل حبة أو 84 ألف دولار في دورة علاج تكون مدتها 12 أسبوعًا.
وحققت الشركة أكثر من 58 مليار دولار من مبيعات الدواء ومركباته في السنوات الخمس الماضية.
وقد قدمت منظمات من المجتمع المدني في 17 دولة أوروبية، في مارس/آذار 2017، شكوى ضد براءة اختراع شركة غيلياد في المركب الأساسي لعقار سوفوسبوفير، مشيرة إلى أن ادعاءات براءة الاختراع الخاصة بشركة غيلياد ليست شرعية، لأنها لا تعد ابتكاراً في المقام الأول.
أسعار أدوية خارج نطاق السيطرة
هذا وسمح احتكار شركة غيلياد لعقار سوفوسبوفير في أوروبا بفرض أسعار باهظة مقابل الدواء.
وتفرض شركة غيلياد، في بعض الدول الأوروبية، ما يصل إلى 43 ألف يورو لقاء دورة علاج مدتها 12 أسبوعًا، بينما يمكن شراء الأدوية الجنيسة من نفس العلاج بأقل من 75 يورو خارج أوروبا.
ما الهدف من الابتكار الطبي إذا كان الناس والأنظمة الطبية لا يستطيعون تحمل تكاليف المنتجات التي تنتج عنه؟جاييل كريكوريان، رئيسة قسم السياسات في حملة منظمة أطباء بلا حدود لتوفير الأدوية الأساسية
وقد أجبرت هذه الأسعار الباهظة الأنظمة الصحية على تقنين عقار سوفوسبوفير، وترك الآلاف من الأشخاص المصابين بفيروس التهاب الكبد الوبائي C في أوروبا من دون علاج.
وعلى الرغم من الحجج القوية التي قدمتها المنظمات المعارضة لبراءة الاختراع، فقد قرر المكتب الأوروبي للبراءات في 14 سبتمبر/أيلول 2018 الإبقاء على براءة اختراع شركة غيلياد، الأمر الذي جعل من المستحيل إنتاج أو بيع نسخ عامة من العقار بأسعار معقولة في أوروبا.
ووفقًا لـأوليفييه ماغويت، الذي يعمل في حملة تسعير الأدوية في شركة منظمة أطباء العام، "مكتب براءات الاختراع الأوروبي متساهل للغاية مع شركات الأدوية، ويمنحهم ترخيص مجاني، لكن ينبغي أن يكون هناك مزيد من التدقيق في أوروبا عندما يتعلق الأمر بتحديد ما إذا كانت شركات الأدوية تستحق براءات الاختراع أم لا؛ وإلا، فإن الاحتكارات غير المستقرة ستستمر في أن تؤدي إلى خروج أسعار الأدوية عن نطاق السيطرة ".
ويهدف الطعن إلى وضع حد لإساءة استخدام شركات الأدوية لنظم تسجيل براءات الاختراع بهدف زيادة أرباحها – بما في ذلك البلدان خارج أوروبا، حيث غالباً ما تتبع مكاتب البراءات قرارات مكتب براءات الاختراع الأوروبي عند اتخاذ قرار بشأن منح براءة اختراع لشركة أدوية.
ومع وصول بعض الأدوية الجديدة المحمية ببراءة اختراع إلى الأسواق– مثل تلك المستخدمة لعلاج السرطان – والتي يصل سعرها إلى 400 ألف يورو للشخص الواحد، فإن هناك حاجة ملحة لإصلاح أنظمة براءات الاختراع حتى يتمكن الناس من الحصول على الأدوية التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة وبصحة جيدة.
وقالت رئيسة قسم السياسات في حملة منظمة أطباء بلا حدود لتوفير الأدوية الأساسية، جاييل كريكوريان، "تمنح براءات الاختراع غير المستحقة في أوروبا شركات الأدوية القدرة الاحتكارية التي تتيح لها فرض أسعار باهظة على العديد من الأدوية التي تنقذ حياة الناس".
وتردف، "إن الأسعار المبالغ بها التي تفرضها شركة غيلياد على عقار سوفوسبوفير قد عملت على إبقاء هذا العقار بعيد المنال على الملايين من الناس المصابين بالتهاب الكبد الوبائي C في اوروبا وحول العالم. فما الهدف من الابتكار الطبي إذا كان الناس والأنظمة الطبية لا يستطيعون تحمل تكاليف المنتجات التي تنتج عنه؟".