قررت أطباء بلا حدود إغلاق مشاريعها في ليتوانيا ولاتفيا بعد مرور 18 شهرًا على إطلاق أنشطتها، حيث منعت القيود والظروف فرقنا من تقديم الرعاية للمهاجرين بسرية تامة وبما يتماشى مع مبادئنا.
بدأت أطباء بلا حدود عملياتها في ليتوانيا في سبتمبر/أيلول 2021، بهدف تقديم الدعم الطبي والإنساني للمهاجرين وطالبي اللجوء الذي يعبرون إلى ليتوانيا من بيلاروسيا. وفي البداية، قدمت فرقنا الدعم النفسي في تسع نقاط تابعة لحرس حدود الدولة حيث كان المهاجرون وطالبو اللجوء القادمون من بلدان تشمل العراق وجمهورية الكونغو الديمقراطية وسوريا والكاميرون ونيجيريا وأفغانستان يخضعون للاحتجاز في ظروف مريعة.
وبحلول يناير/كانون الثاني 2022، نُقل المهاجرون وطالبو اللجوء إلى مراكز تسجيل الأجانب المتواجدة في أنحاء البلاد، حيث قدمت فرق أطباء بلا حدود الرعاية الطبية الأساسية والنفسية للأشخاص المحتجزين في اثنين من هذه المراكز في كيبارتاي وميدينينكاي بين يناير/كانون الثاني ومايو/أيار. وقدمت فرقنا 214 جلسة استشارة لـ 98 شخصًا كانوا يعانون من ضائقة تتعلق بالاحتجاز والحدّ من حريتهم وعدم اليقين حول مستقبلهم وحول إجراءات اللجوء بما في ذلك الخوف من إعادتهم إلى بلدانهم.
مازالت عمليات الصد المستمرة على الحدود تمنع الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة من التماس الحماية الدولية في ليتوانيا. ويحدّ ذلك بشكل كبير من قدرة أطباء بلا حدود على... تقديم الرعاية الطبية الضرورية والرعاية النفسية.جورجينا براون، منسقة مشروع أطباء بلا حدود في ليتوانيا ولاتفيا
ومنذ ذلك الحين، قدمت أطباء بلا حدود الدعم النفسي عن بعد لأكثر من 200 شخص محتجز كان قد طلب المساعدة. وأجرينا كذلك جلسات جماعية غير رسمية خارج مراكز التسجيل لـ 130 شخصًا آخرين.
وفي هذا الصدد، تقول منسقة مشروع أطباء بلا حدود في ليتوانيا ولاتفيا، جورجينا براون، "على الرغم من مخاوفنا المتعلقة بمعاملة طالبي اللجوء والمهاجرين في ليتوانيا، علينا الإقرار بأنّ السياق قد تغيّر".
وتضيف، "أصبحت مراكز الاستقبال شبه شاغرة ومازالت عمليات الصد المستمرة على الحدود تمنع الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة من التماس الحماية الدولية في ليتوانيا. ويحدّ ذلك بشكل كبير من قدرة أطباء بلا حدود على الوصول إلى المهاجرين وطالبي اللجوء لتقديم الرعاية الطبية الضرورية والرعاية النفسية لهم، وخصوصًا بالنسبة للأشخاص الذين تشتدّ حاجتهم إلى المساعدة. لذلك، فقد قررنا إغلاق عملياتنا في ليتوانيا في 31 ديسمبر/كانون الأول 2022".
أما في لاتفيا، فقد بدأت أطباء بلا حدود بتقديم الدعم النفسي والدعم النفسي الاجتماعي لطالبي اللجوء والمهاجرين المحتجزين في مركزي احتجاز موسينياكي ودوغرافبيلس في يوليو/تموز 2022. وبعد إجراء عدة زيارات أولية، وزعت أطباء بلا حدود بعض المواد غير الغذائية على غرار الكتب وألعاب الطاولة والأدوات المكتبية. كما بدأت فرقنا بتقديم الطعام ومستلزمات النظافة الصحية وبعض المساعدات المالية إذ أشارت الحوارات التي أجرتها فرقنا مع الأشخاص المحتجزين في المراكز إلى أنهم يواجهون العديد من الحواجز التي تحول دون حصولهم على المواد الأساسية.
وبين يوليو/تموز وديسمبر/كانون الأول، قدمنا كذلك جلسات نفسية اجتماعية فردية وفي إطار مجموعات كما قدمنا الدعم النفسي في المراكز. ولكن لم يسمح لأطباء بلا حدود بالوصول إلى الأشخاص الذين يحتاجون إلى الرعاية من دون قيود خلال هذه الفترة. وقد شكّل ذلك تحديًا بالنسبة لفرقنا من ناحية تقديم الدعم بشكل غير متحيز يضمن السرية الطبية والامتثال للأخلاقيات الطبية. ولهذا السبب، أنهينا عملياتنا في لاتفيا في 31 ديسمبر/كانون الأول 2022.
وعلى الرغم من إغلاق أنشطتنا في كل من ليتوانيا ولاتفيا، مازالت مخاوفنا مستمرة بشأن المهاجرين وطالبي اللجوء في هذين البلدين. وهذه هي المخاوف التي أشرنا إليها في السابق.
يتعرّض الأشخاص الذين يبحثون عن الأمان والحماية إلى ظروف غير إنسانية ويعانون من محدودية الوصول إلى المعلومات والخدمات المناسبة والحماية.جورجينا براون، منسقة مشروع أطباء بلا حدود في ليتوانيا ولاتفيا
تقول براون، "مازال للاحتجاز القسري والمطول عواقب وخيمة على المهاجرين وطالبي اللجوء المحتجزين، إذ يتعرّض الأشخاص الذين يبحثون عن الأمان والحماية إلى ظروف غير إنسانية ويعانون من محدودية الوصول إلى المعلومات والخدمات المناسبة والحماية".
وتضيف، "أما بالنسبة للأشخاص الذين يحتاجون إلى الرعاية المتخصصة على غرار الناجين من التعذيب أو العنف الجنسي، فإمّا لا تتوفر لهم خدمات مخصصة أو طواقم متخصّصة في المجالين الطبي والنفسي في المرافق التي يحتجزون فيها أو أنّ الدعم الذي تقدّمه هذه الطواقم يعدّ غير كافٍ. كما لاحظنا غياب المساعدة القانونية المناسبة أو المعلومات الكافية للأشخاص الراغبين في تقديم طلبات لجوء".
وكما ندّدت أطباء بلا حدود مؤخّرًا، مازال الأشخاص الذين يحاولون العبور إلى ليتوانيا ولاتفيا عبر بيلاروسيا بحثًا عن الأمان والحماية يتعرضون لعمليات الصدّ العنيفة التي تعرّض حياتهم للخطر. ففي عام 2022، أجرى حرس الحدود الليتواني أكثر من 8,000 عملية صد بينما أجرى حرس الحدود اللاتفي 4,000 عملية صد.